تصميم ومتابعة وتطوير المدونة بواسطة :

تم عمل هذه المدونة بواسطة : أحمد السعيدي
http://aldhafaeri.blogspot.com/


الأربعاء، 29 فبراير 2012

نلقاكم

نلقاكم ان شاء الله يوم الاحد القادم وحلقة جديدة من البرنامج الاذاعي واحة المستمعين من اذاعة دولة الكويت - البرنامج الثاني FM 97.5


إعداد وتقديم : أحمد محارب الظفيري ورضوان مقامس ويوسف السريع 
إخراج : معاذ السريع 
تنفيذ : وليد بوهادي
هندسة : استبرق دشتي
متابعة وتنسيق : فهد السبيعي


وكل الشكر لحسن متابعتكم 




مسؤول الصفحة 
أحمد السعيدي

الاثنين، 27 فبراير 2012

فلسفة العرب في اختيار الأسماء لها أصول


نشرت في 
أخر تحديث 17/02/2012
فلسفة العرب في اختيار الأسماء لها أصول
أسماء وصفات الفتيات عند عربان الجزيرة جاءت من الظباء


العرب أصحاب فلسفة ذات أصول وقواعد في اختيار الأسماء خصوصا أسماء وصفات الفتيات فعندهم أسماء شائعة الصيت للفتيات ويحفل التراث العربي بكثير من أسماء الفتيات كلها جاءت من الظباء حيث المواصفات شديدة التفرد كقوة الجسم ورشاقة الحركة والذكاء وشدة الملاحظة.. وطبعا قبل هذا كله الجمال.

وهناك أسماء بعينها كانت تستخدم قديما عند العرب في الحواضر والبوادي ومازالت تستخدم في عصرنا الحالي مثل «العنود» التي تعني عند عربان الجزيرة قائدة سرب الظباء وفي اللغة العربية الفصحى الجميلة.. وأيضا هناك «غزيل» مصغر غزال، وريم وريمة وهي الغزال الذي يبدو للرائي من بعيد أبيض اللون.. وغيرها الكثير.
> العنود- في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: هي الغزالة التي تقود سرب الظباء، وتتميز بمواصفات خاصة، فهي قوية الجسم رشيقة الحركة، شديدة الملاحظة كثيرة التلفت، حذرة على الدوام وسرب “السرب مسمى فصيح للظباء والطيور” الظباء ذكورا واناثا، دائما قائدتهم انثى هي “العنود” مختارة من كل افراد القطيع “السرب”.
والعنود: اسم شائع للفتيات عند عرب الجزيرة بادية وحاضرة والعنود صفة جمالية تطلق على البنت الجميلة، فهي تشبه العنود يقولون: “فلانة عنود” او “فلانة عنود الجميلة” او “فلانة عنود الصيد”.
الجميلة في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: تعني سرب الظباء، وقد يصل تعداد السرب الى اكثر او اقل من مئة ظبي وظبية، وجمع “جميلة” “جمايل”. والجميلة والسرب كلمتان دارجتان على لسان عرب الجزيرة.
والصيد: من صاد يصيد والمقصود الغزلان فهي الصيد المفضل.
يقول الشاعر الشعبي واصفا حبيبته الجميلة بالعنود، ومحذرا من يجيء او يمر على بيتها، فمن يداري ويخاف على عمره فليبتعد لئلا يصرعه حسنها وجمالها، فهي تشبه نجم سهيل والبنات الأخريات يشبهن نجوم المجرة “نجوم درب التبانة او الدرب الحليبي” وان هذه الغادة الحسناء فرقها عند غيرها من الفتيات مثل فرق البندقية العثمانية، القديمة الفتيل عن البندقية العثمانية الجديدة السواري.. يقول:

لا تجي بيت “العنود” ولا تمره
ما يجيها اللي على عمره يداري
“العنود” سهيل والبيض المجرة
فرقها فرق الفتيل من السواري

واسم” العنود” او “عنود” مازال مستخدما وبكثرة في عصرنا الحالي اسما لبنات عرب الجزيرة العربية في الحواضر والبوادي.
ولكل جماعة من الظباء عنود تقودها لظباء الريم عنود، ولظباء العفري عنود، ولظباء المها عنود، يقول فلكي البادية الذائع الصيت راشد الخلاوي:

حبايلي صادت “عنود” من المها
رباعية من سايلات المدامع

ويقول الشاعر سليمان بن حاذور من اهل الرياض متغزلا بعنود الريم حبيبته:

عند “عنود الريم مكحولة العين
موردة الخدين ما احلى عجبها
شفته وورتني ملامح بطرفين
ومن الحيا غطى نظيره هدبها

الغزيل من الاسماء الشائعة

> غزيل: مصغر غزال، وهو الغزال الصغير وغزيل من الاسماء التي كانت شائعة عند عرب الجزيرة العربية ويسمون به بناتهم، ولكن في الوقت الحاضر بدأ يقل تداول هذا الاسم.
وغزيل صفة جمالية يطلقها البدو والحضر على الفتاة الانيقة الرشيقة الضامرة يقولون : “فلانة غزيل” او “فلانة كأنها غزيل”.
يصف أحد الشعراء الشعبيين حبيبته قائلا:

سلام يا عين “الغزيل” الى سج
يا “خشف ريم”عاودت عقب هجه
عليه دمعي كل يوم تزعج
تزعيج موج للأحيمر يزجه

ويقول الشاعر واصفا حبيبته بـ”الغزيل”
“غزيل” فله بدبي لا قاني ممشط القذله
سلم بالاعياني
وهذا الداحوح يخاطب الحاشي “الجمل الفتي” وهو اسم يطلق على الفتاة التي تدخل لتلاعب الداحوح في رقصة الدحة يصف الحاشي “الفتاة” قائلا:

عيونك عيون “الغزيل” اللي بمقيله مقيل
دلّوا عليه الطرقية

اي انت عيونك تشبه عيون الغزيل النائم “المقيل” في منامه “مقيله” في وقت القائلة او القيلولة ولكن الطراق “المسافرين” ازعجوه وايقظوه من منامه.
ولنستمع للامير الشاعر محمد بن احمد السديري ( ت1979م) وهو يصف العلاقة العاطفية بينه وبين حبيبته التي تشبه الغزال يقول:

“غزال” ضيعت عقلي وروحي
رمت قلبي وقلبي مارماها
نحيل الخصر وضاح الثنايا
نظيم الدر منظوم بفاها
لها بالروح وفوادي موده
ولا شيء من احوالي خفاها
تعرف اني لها مملوك طايع
ابيع الروح في دورة رضاها

ملاحظة:
لا تنس ان هذا شعر شعبي سماه ابن خلدون (ت 808 ه¯ - 1405 م) ب¯ “الشعر البدوي” وقال عنه ان كلماته موقوفة الاخر تلتزم بالسكون ولا تلتزم بحركات الاعراب، ويعرف الفاعل من المفعول به والمبتدأ من الخبر من قرائن الكلام وسياقه. وهذا “الشعر البدوي” شأنه شأن الاشعار الدارجة عند الناس لا يلتزم بموازين الشعر الفصيح للخليل بن احمد الفراهيدي.
> الجازي أو جازي: اسم شائع لنساء عرب الجزيرة وخصوصا عند عربان البادية، فهم يسمون بناتهم ب¯”الجازي” أو” جازي”. والجوازي في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: هي الظباء التي جزأت بالرطب عن الماء. يقال: “ظبية جازية” أي استغنت بالعشب الأخضر وبورق وجذور الأشجار وبالندى عن شرب الماء.
ومن قرأ السيرة الهلالية، يجد أن اسم “الجازي” و”الجازية” من الاسماء المفضلة لبناتهم، فاسم بنت أمير بني هلال الشيخ حسن بن سرحان هو “الجازي” أو “الجازية” بمعنى “الظبي” أو “الظبية” وهذا راشد الخلاوي فلكي البادية الشهير بمعرفة حركة النجوم والمتغيرات المناخية يذكر الجوازي:

“الناس ليا نزلوا الصمان انا انزل العلا
في منزل كل الخلايق ترانيه
شبيت ضو يعجب الضيف صلوها
عليها من لحم “الجوازي” ثمانية
دعيت جيراني على طيب القرى
يوم ان داعيهم نسى ما دعانيه
كيف أنا اخلي الطيب وانكس على الردى
الطيب يبقى والاعمار فانيه”

> ريم أو ريمية: من الأسماء الشائعة لبنات عربان الجزيرة في البوادي والحواضر . وغزلان الريم كانت فيما مضى وقبل ان تنقرض من الانواع السائدة في جزيرة العرب، وكاتب هذه السطور ادركها وما زالت ذكرياتها عالقة في ذهنه أيام الفتوة والشباب . وغزال الريم هو الغزال الذي يبدو للرائي له من بعيد ابيض اللون. فالبطن والخاصرتان والوجه والسيقان كلها ذات لون أبيض ، ما عدا ظهره بني فاتح (مجازا ظهره أحمر).
لنستمع الى الشاعر فهد بن راشد بن ناصر البورسلي( ت 1960م):

“قايد”الريم” تاخذني عليه الشفاقه
ليتني دب دهري محبس في يمينه
آه وا قلبي اللي راح مني سراقه
تل عرق الموده وانقطع في يدينه”.

 وقال الشاعر سليمان بن حاذور:

“اللي ذبحني سعوديه
ربي من الزين معطيها
من شافها قال حوريه
الزين والملح غاشيها
العنق ياعنق “ ريميه”
كن الحمامه تماشيها”

 وهذا الشاعر الجاهلي قيس بن الخطيم يصف جيد حبيبته بجيد “الريم”، وقد توقد عليه الياقوت المفصول بحبات الزبدجد:

“ وجيد كجيد “الرئم” صاف يزينه
توقد ياقوت وفصل زبرجد

 وهذا أمير الشعراء أحمد شوقي بن علي بن أحمد (ت1351 ه¯/ 1932م) يخاطب حبيبته الريم

“ ريم على القاع بين البان والعلم
أحل سفك دمي في الاشهر الحرم
رمى القضاء بعيني جؤذر اسدا
ياسكن القاع، ادرك ساكن الأجم”.

اسمان شائعان

> عفراء والعفري: اسمان شائعان للفتيات عند عربان الجزيرة، وخصوصا عند أهل البادية أيام زمان، والآن قل استعمال هذين الاسمين.
و”العفري” هو الغزال الذي لون جسمه بني فاتح(مجازا نقول لونه أحمر) ماعدا أسفل بطنه لونه ابيض، والغزال العفري الذي يعيش في جزيرة العرب هو أصغر أنواع الغزلان، وكاتب هذه السطور يتذكر اسراب هذه الغزلان العفراء وهي تتجول على أرض جزيرة العرب قبل ان يقضي عليها الصيد الجائر بواسطة السيارات والبنادق السريعة الطلقات.
 ويسمى الغزال الذكر باسم “عفري” و”اعفر” و “عفر” وكانت اسماء شائعة للرجال في جزيرة العرب، خصوصا عند أهل البادية. وتسمى الغزالة الأنثى باسم “ عفراء” و”عفرية” وهما اسمان شائعان عند نساء عرب الجزيرة حاضرة وبادية، ويتميز الغزال العفري عن بقية الغزلان بحاسة الشم القوية التي يمتلكها، فهو ينفر ويهرب من أي مكان يشم فيه أي رائحة كريهة مهما كانت هذه الرائحة قليلة وبسيطة ولا تكاد تذكر، فمثلا هو ينفر من الروض الأخضر إذا كان فيه حيوانا ميتا ولو كان هذا الحيوان صغيرا كالجربوع. لذلك يضربون المثل بالغزال العفري للانسان الحساس للروائح فيقولون: “ فلان أو فلانة خشم عفري أو عفرية” أي ان خشمه “أنفه” حساس لأي رائحة كريهة.
والظبي الاعفر، تصفه معاجم لغة العرب بأنه الظبي الذي يعلو بياض بطنه الحمرة السائدة.
وهذا الشاعر عبدالله بن محمد بن فرج الدوسري (ت1319هـ/1901م) يصف حبيبته بالجادل العفر (الاعفر) أي الغزال الاعفر مجدول العضلات القوي، يقول:

“ألا ياهل المعروف ما ينفع الحذر
قضى الله ربي ما قضى بامره الجاري
بلاني الهوى وبليت ب¯ “الجادل العفر”
وهذا المقدر ياعلي حكمة الباري”.

وهذا الشاعر عروة بن حزام من مهاجر العذري هام بحب ابنة عمه “عفراء” التي زوجها أبوها برجل ثري من أهل الشام، ولما علم عروة بزواج ابنة عمه مات حزنا وكمدا عليها سنة 30 هـ/650م، يقول:

“فوا كبدا امست رفاتا كأنما
يلذّعها بالموقدات طبيب
عيشية لا “ عفراء” منك بعيدة
فتسلو ولا “عفراء” منك قريب
فو الله لا أنساك ماهبت الصبا
وما عقبها في الرياح جنوب “.

المها والمهاة

> مها والمها والمهاة: هذه اسماء شائعة وذائعة للفتاة العربية عند العرب الأوائل والآواخر ، ولايزال عربان الجزيرة في البوادي والحواضر يسمون بها بناتهم حتى هذا اليوم وهي من الاسماء المفضلة عندهم.
وفي معاجم وقواميس لغة العرب “المها” هو بقر الوحش ، تسمى الواحدة “مهاة” أو “بقرة وحشية”، ولكن عرب جزيرة العرب المتأخرين اضافوا لها اسما جديدا هو “الوضيحي” للذكر و”الوضيحية” للأنثى، بسبب لونها الأوضح أي الابيض الناصع. ويعتبر المها أضخم وأجمل ظباء جزيرة العرب، ويصنفه المتخصصون بأنه من أجمل ظباء الكرة الأرضية على الإطلاق، وهو غزال عربي ضخم موطنه الاصلي شبه الجزيرة العربية، فعلى ارضها تناسلت أجياله المتعاقبة منذ عصور الجاهلية حتى انقراضه في عصرنا الحالي.
 وهو حيوان أبيض اللون،قوائمه سوداء ، ووجهه الأبيض فيه بقعة سوداء ، احاط سوادها بعينيه الواسعتين الجميلتين الساحرتين فأكسبها كحلا طبيعيا زاهيا. يصل وزن “المهاة”أو “ بقر الوحش أو”الوضيحية” إلى 200 كيلو غرام ويبلغ ارتفاع جسمها عن الارض مترا واحدا. لها ظلف كظلف البقرة وذيل كذيلها . وللمها قرنان يستخدمان كسلاح فعال جدا للدفاع عن النفس ويبلغ طولهما ثلاثة أقدام والمها تتكيف وتتلاءم مع البيئة الصحراوية الجافة فهو من “الجوازي” يجوز عن شرب الماء في الصيف ويستعيض عنه بعصارة جذور النباتات والأشجار ، وبالندى الذي يتساقط على أوراق النباتات في الليل والصباح الباكر. ويتغذى المها على الاعشاب الضئيلة والاعواد والاوراق اليابسة والشجيرات والطحالب التي تقاوم طبيعة البيئة الصحراوية القاسية ويتميز المها بحاستي سمع وشم مرهفتين وقويتين جدا بحيث تتلاءمان مع الوسط الصحراوي الرملي الذي يعيش فيه .
 والمصيبة الكبرى ان المها العربي اذا انقرض وزال وجوده من شبه جزيرة العرب، فإنه لا يوجد من فصيلته ما يشبهه في أي بلد من بلدان العالم ، فالمها العربي نوع فريد يختلف عن غيره بكثير من المواصفات والألوان . والمها العربي مثل بقية الغزلان العربية تقوده انثى يسميها عرب الجزيرة ب¯ “العنود” فهي ملكة السرب “القطيع” ولها ولية عهد إذ ماتت او اصيبت تحل محلها.
 والبقية القليلة من المها العربي حفظته لنا المحميات وحدائق الحيوان في بلدان الخليج العربي.
> المستشرقون والرحالة الأجانب وصفوا المها العربي:
 الرحالة الايطالي كارل غورماني سافر الى الشام عام 1850 وتجول في بوادي الشام وفلسطين وشمال نجد ، زار حائل وعنيزة، ومن مؤلفاته كتاب اسمه “ شمال نجد” (Northern Najd) ذكر غورماني في هذا الكتاب انه شاهد المها العربي باعداد كثيرة في شمال الجزيرة العربية ، ويتجول بأسراب كثيرة في صحاري جزيرة العرب.
وهذا الرحالة البريطاني تشارلز دوتي زار الجزيرة العربية ما بين عامي 1876 و 1878 وتسمى باسم «خليل النصراني» وتجول مع عربان البادية وعاش حياة البادية بكل شظفها وضنكها، وألف كتابه الكبير الذي سماه «رحلات في الصحراء العربية»، ذكر دوتي وجود المها العربي في شمال الجزيرة العربية في ديار قبيلة الشرارات، وذكر دوتي أنه شاهد المها (البقر الوحشي) عند بعض أهالي مدينة حايل، وذكر كذلك أن قرون البقر الوحشي (المها أو الوضيحي) يستعملها أهالي قرى نجد لتفتيت التمر حيث يتلاصق داخل أوعيته التي يحفظ بها، وذكر أن البدو يستخدمون قرون المها أوتادا لخيامهم ويستعملون جلوده لصنع الأحذية، وأشار الى كثرة أسرابه التي تتجول في جزيرة العرب.
وهذا الرحالة المستشرق التشيكوسلوفاكي الجنسية النمساوي الأصل لويس موزيل الذي بدأ رحلاته الى ديار العرب عام 1896 وكان عمره آنذاك 28 عاما وتنقل على ظهر ذلوله (ناقته) مع عربان الصحراء وكأنه واحدا منهم واستمرت حياته مع عرب الصحراء لمدة عشرين عاما، أكثرها مع قبيلة الرولة من عنزة، وتآخى مع شيخ قبيلة الرولة النوري بن هزاع بن نايف الشعلان، وغير اسمه من لويس موزيل إلى (الشيخ موسى الرويلي) وصار فيما بعد من أكبر أساتذة التاريخ القديم والحديث للعالم العربي الإسلامي في جامعة براغ، ذكر لويس موزيل انه شاهد أسراب المها بكثرة تتجول في منطقة صحراء النفوذ الكبرى في شمال المملكة العربية السعودية، وذكر أن المها تخرج وترعى ليلا ونهارا في فصل الصيف لأن العربان قاطنون على آبارهم، ولكن المها في موسم الشتاء والربيع لا تسرح إلا ليلا بسبب أن عربان الصحراء منتشرون على منطقة النفود وفي الصحراء عموما مع حلالهم طلبا للعشب والشجر(الكلأ) لذلك يضطر المها إلى الخروج ليلا طلبا للمرعى.
وهذا الرحالة البريطاني ولفرد ثيسجر الذي سماه عرب الإمارات والربع الخالي باسم «مبارك بن لندن» ذكر أنه عندما اجتاز صحراء الربع الخالي عام 1948 شاهد قطيعا يتكون من 48 مهاة (بقرة وحشية) وذكر أن المها متواجد بكثرة في منطقة الربع الخالي، وهذه المشاهدة لهذا الرحالة البريطاني ثيسجر تؤكد لنا أن انقراض المها منذ فترة قريبة في الستينات من القرن الماضي، أي بعد ظهور النفط وظهور السيارات والبنادق الحديثة وانعدام الوعي البيئي وعدم الاهتمام بالحياة الفطرية.
> الحبيبة هي “المهاة” في عيون العشاق العرب
وهذا الشاعر علي بن الجهم »ت 249 ه¯« وهو من شعراء العهد العباسي يصف عيون المها الراتعات ما بين رصافة بغداد وجسرها بأنهن جلبن له الهوى وأعدن له الشوق القديم ... يقول من قصيده طويلة:

عيون »المها«بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أردي
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن
سلوت ولكن زدن جمرا على جمر
سلمن وأسلمن القلوب كأنما
تشك باطراف المثقفة السمر

والمها هنا هو رمز للفتيات الغيد الجميلات، فهن يشبهن المها العربي

وهذا الشاعر الشعبي فهد »ت 1960« بن راشد بن ناصر البورسلي يتوجد على محبوبته:

سلموا لي على اللي حبهم بالضمير
من سببهم سهرت الليل واعزتاه
خص لي في سلامي ابو نهيد صغير
ناعم العود محبوبي حلي »المهاه«
قايد الريم هو عندي عديل النضير
مشغل الروح في حبه وعقلي خذاه

وهذا شاعر العرب الكبير ابو الطيب المتنبي المقتول في دير العاقول سنة 354 ه¯ /956 م يفدي بنفسه الجآذر الظبيات من بنات الأعاريب - بدو زمانه- قائلا:

من »الجآذر« في زي الاعاريب
حمر الحلي والمطايا والجلابيب
أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها
مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب
ولابرزن من الحمام مائلة
اوراكهن صقيلات العراقيب

الجآذر: جمع جؤذر وهو ولد المهاة »البقرة الوحشية« انثى او ذكر.
مثلما بدو عصر المتنبي يحبون اللون الاحمر فبدو عصرنا يفضلون اللون الاحمر ويحبونه
وهذا أحد الشعراء الشعبيين من عرب الجزيرة يصف حبيبته قائلا:

ماشية بالبيت من دون العباة
فارقة بالزين عن كل البناة
شفت لي شيء يشيب بالحياة
شفت من يشدي لفريد »المهاة«

وهذا الشاعر أبو الوليد مسلم بن الوليد »ت 833 م« الملقب بصريح الغواني، وهو من اهل الكوفة، قابل الخليفة العباسي هارون الرشيد وانشده من شعره، يقول:

قد كنت بالبصرة المغبوط ساكنها
ان التقى والصبا فيها لمصطحب
اني نظرت الى الحور الحسان بها
وانما همهن اللهو واللعبُ
عند الخريبة غيد قد صبون بنا
مثل »المها« في رياض حولها العشبُ

ويقول الشاعر الشعبي عبدالله بن صقيه متغزلا

يا العين لا تستخيلي بارق زلك
ليا صار للغير مصيافه ومرباعه
ينلاع قلبي ليا شاهدت دمع لك
كما يلوع »الوضيحي« رامي لاعه

«الوضيحي» هو الاسم الذي ترادف مع اسم «المها» في العهود المتأخرة


بقلم: أحمد محارب الظفيري
باحث في التاريخ والتراث
aaldhafiri@yahoo.com

الخميس، 16 فبراير 2012

أحمد محارب الظفيري : الله يستر على الزرزور والعصفور!




في زمن الصيد الجائر للطيور 


أحمد محارب الظفيري : الله يستر على الزرزور والعصفور! 








ريهام محمد 


في العدد السابق من حديثنا الشيق مع علامة التاريخ العربي والعاشق للبيئة العربية التراثية بكل تفاصيلها الباحث في التراث أحمد محارب الظفيري تحدثنا عن الطيور العربية وأنواعها وأماكن عيشها وطيرها وكيف كانت تزين الأنواع الرقيقة منها سماء الجزيرة العربية بتغريدها وألحانها الصافية ومن جانب آخر كيف كانت الأنواع القوية من الطيور كالصقور والعقبان تعبر عن شموخ العرب وقوة شخصيتهم وحدة طباع البدو ورباطة جأشهم. وفي عددنا هذا نكمل الحديث عن عالم الطيور العربية مع الظفيري ولكننا سنتحدث عن انقراض أنواع عديدة من الطيور العربية بسبب تقاليد الصيد الجائر والتطور التكنولوجي الذي بدلا من أن يوظف لصالح خدمة البيئة وحيواناتها والإنسان الذي هو ابن البيئة بات سبيلاً للقضاء على الكائنات الحية التي تحفظ التوازن البيئي ووسيلة لشعور العابثين والتافهين بلذة القتل غير المبرر لأروع حيوانات البيئة العربية ألا  وهي الطيور.


طيور العرب
بحزن شديد تنهد الباحث في التراث أحمد محارب الظفيري وقال: (يوم عرفنا السيارة والطيارة والبندقية اختفت حيواناتنا الجميلة وطيورنا التي كانت تزين سماءنا وبكل أسف هذا التطور الهائل والكبير في حياتنا لم يواكبه تطوير وتعديل للقوانين التي تحمي الحياة الفطرية بكل محتوياتها من طيور وحيوانات، ونسينا وسط التقدم الذي نعيشه أن الإنسان والحيوان أبناء للبيئة، وكلاهما يؤثر ويتأثر بها وما نملكه من حيوانات ثروة بيئية سرعان ما تخبو وتختفي إذا ما أهملناها، وبرؤيا عيني حزنت حزنا شديدا عندما رأيت العقاب أعظم طيور العرب وأقواها مضروب في بر بجانب منطقة الروضتين وكان يسحب جناحه الطويل جداً وينزف الدماء التي كانت تشعرني بالأسى على ما وصل إليه بعض أبنائنا في استهتارهم بكائنات المولى عز وجل، وحتى الصيد الذي كان لذة العرب قديما وفن يخضع لأصول وطقوس بات الآن بفضل التكنولوجيا جائراً وعشوائياً ومدمراً للبيئة وبسبب ذلك غيرت الطيور مسارها وتشوشت البوصلة البيولوجية لها فباتت الطيور العربية تنقل لأبناءها وأحفادها الخطر المحدق بها والذي يزداد يوما بعد يوم من خلال جيناتها وفطرتها فتمنعهم من الطير هناك وتغير مسار هجرتهم إلى ذاك.


طير الفري
وتابع الظفيري شارحا أساليب الصيد الجائر التكنولوجية الحديثة التي يستخدمها بعض الشباب العابث حيث قال: طير الفري الذي يسمونه حاضرة الخليج فري وبادية الخليج مريعي يصدر أصوات جميلة ومميزة الآن اخترع البعض آلات تصدر أصواتاً شبيهة بصوته يتم نصبها في البر على مرتفع وليكن عمود مثلاً وتبدأ الآلة بإصدار أصوات الفري فيتخيل الطائر المسكين وجماعته أن هناك من الطيور من أبناء جنسه ينادون عليه فيسير ويطير باتجاه مصدر الصوت هنا تكون بنادق العابثين الجائرين بانتظاره ورفاقه وامتد الأمر ليشمل عمل آلة لكل نوع من أنواع الطيور فهناك ألة تصدر أصوات القطا وأخرى الحباري وثالثة الفري وهكذا، فلكل طير آلة والقاسم المشترك في كل هذه التصرفات العبثية الجائرة بندقية العابث التي تكون بالمرصاد للطيور المسالمة والجميلة.
وأشار الظفيري إلى أن الطيور جزء أساسي وهام في الحياة الفطرية ويجب المحافظة عليها لأنها تحفظ التوازن البيئي بأكلها للحشرات والديدان بدلاً من أن تكثر وتغطي مناطق واسعة وليس ذلك فقط بل إنه توجد طيور مثل الباشو وهو نوع من أنواع الصقور تصيد الأفاعي وتحول دون تكاثرها حيث يبحث الباشو عن الأفعى ويطير حولها ثم يرفعها ويضربها في الأرض فتموت، وفي بر الشعيبة والسالمي الآن يقول الظفيري معلقا بلهجته البدوية الجميلة دويا كثر الأفاعي في الشعيبة والسالمي ويتساءل لماذا؟ لأن المعادلة اختلت والقتل أصبح جائراً وعلى الطيور والحيوانات التي تحفظ التوازن البيئي.


الزرزور والعصفور
ثم استطرد الظفيري قليلاً وقال: ولا أدري ماذا سيحدث بعد الآن ففي زمن الصيد الجائر للطيور الله يستر على الزرزور والعصفور تلك الطيور الجميلة التي تغرد بسلام بألوانها الرمادية والصفراء وتظهر في فصل الربيع لتعلن بغنائها العذب روعة المظاهر الطبيعية وحالة فرحها.
وواصل حديثه: وما يشعرني بالارتياح قليلا أن الدولة تستدرك أهمية الطيور وغيرها من الحيوانات ولذلك أسست وخصص مواقع للمحميات الطبيعية وأبرزها محمية الشيخ صباح وتساءل ولكن لماذا لا يتم وضع قوانين رادعة وحاسمة تحدد أوقات الصيد وأدواته وتجرم الأدوات التي يتم من خلالها اصطياد الطيور بشكل عبثي فمن آمن العقوبة أساء الأدب، وان كان لدينا فعلا قوانين لتنظيم الصيد فلماذا هي مجرد حرب على ورق من دون تفعيل أو تنفيذ حقيقي؟






المصدر : مجلة بيئتنا - الهيئة العامة للبيئة - العدد 101

أحمد محارب الظفيري: قراقوش.. لم يكن ظالماً وخدم صلاح الدين





 
حوار هالة عمران:

أديب معاصر وأول من تطرق لتاريخ البادية في التاريخ الحديث حيث إنه من المؤرخين المعاصرين يعرض الشعر ويحفظ الكثير منه، صدر له أول كتاب في نهاية الستينيات، يحتل مساحة رائعة في الإعلام ويمتلك سمعة طيبة في الإعلام العربي والخليجي عاش في الصحراء والحضر، كان مستمعاً جيداً للأشعار والسوالف والأمثال والحوادث ولكل ماله علاقة بالموروث الشعبي لعرب الجزيرة، خدم الحكومة مدة سبع وعشرين سنة، وبعد أن حصل على شهادة الثانوية العامة من ثانوية أبرق خيطان، لم تقصر الوزارة التي يعمل بها حيث اعطته اجازة دراسية أكمل خلالها دراسته الجامعية، وخلال هذه الخدمة دخل عدة دورات، كان ترتيبه دائماً الأول أو بتقدير عام «امتياز» اهتم بالتاريخ العربي عموماً وتاريخ الجزيرة خصوصاً فذهب يبحث ويطلع على كل ما هو متعلق بالتاريخ فهو منارة شاهقة للعلم، وقدوة رفيعة المستوى.. فكان له بصمة واضحة في مجال التراث.. كل هذا وذاك كان ضمن مضمار الحوار مع المؤرخ أحمد محارب الظفيري ولكن من الوجه الآخر.

سلم الحياة وبداية الهوايات
 بداية سألته.. كيف بدأت معك الهواية وما هي أهم الذكريات التي أثرت عليك في مرحلة الطفولة؟
- كنت فتى يافعاً مستمعاً جيدا للأشعار والسوالف والأمثال والحوادث ولكل ما له علاقة بالموروث الشعبي لعرب الجزيرة والخليج، كنت أجلس بجانب كبار السن في ديوان والدي، واتنقل بين دواوين رجال القبيلة وكانت هذه المجالس مدارس مهمة تدور فيها أخبار عربان البوادي والحواضر وأخبار حكامهم وشيوخهم وقصيدهم ومغامراتهم وشيمهم، وفي سن مبكرة كنت احفظ شعر القاضي والعوني وابن ربيعة وابن لعبون، وبركات الشريف ونمر بن عدوان وراشد الخلاوي وقصايد العواجي وابن رشيد وبعض شعراء القبائل، والسيرة الهلالية وقصص بني هلال وعنترة والزير سالم المهلهل وأخيه كليب الوائلي وقصة عاد  وثمود، حفظتها حسبما يرددها رجال قبيلتي وشيوخها بطريقتهم الخاصة وكنت صغيراً وفي مجتمع بدوي قبائلي ولا أعرف انها مطبوعة ومكتوبة، وفي هذه الدواوين سمعت سوالف «قصص» جميلة عن موحد الجزيرة الملك عبدالعزيز ابن سعود وحروبه مع ابن رشيد ومع شريف مكة، وعن الإخوان وحروبهم، وكانت قصص آل سعود وأشعارهم تتردد كثيراً منذ الدولة السعودية الأولى إلى ظهور الملك عبدالعزيز ودخوله القصر المصمك وفتحه للرياض وبداية الدولة السعودية الثالثة، وكنت أسمع الكثير أيضا عن الشيخ مبارك بن صباح، أخو مريم «حمر العين» وحروبه وعلاقاته مع قبائل العرب، وكانت السوالف عن الحكام من آل صباح والأمور التي مرت على الكويت كثيرة الترديد في هذه الدواوين.
ولما كبرت جمعت الخطوط «الرسائل» التي وجدتها عند بعض شيوخ القبائل أو عند أولادهم أو أحفادهم، بعضها مرسل من الحكام أو من شيوخ القبائل أو من بعض المعتمدين الإنكليز أو من بعض الشخصيات المهتمة وكنت في هذه السن المبكرة أعرف الشيء الكثير عن قبائل العرب وعن الأسر والعوائل الشهيرة المعروفة في الحواضر العربية التي لعبت دورا مهما متميزا في العهد العثماني، لأن هذه الأمور وكل ما له علاقة بها تتردد كثيرا في أحاديث السمر عند كل عربان البوادي والحواضر على امتداد جزيرة العرب.

الارستقراطية العربية
في ذلك الزمان «العهد العثماني» كان الكتاب والمستشرقون يطلقون على قبائل العرب وشيخوها مسمى «الارستقراطية العربية» لأنهم لا يخضعون مباشرة لحكم الولاة العثمانيين على عكس عرب المدن والأرياف المحكومين مباشرة من العثمانيين وللأمانة التاريخية نذكر أن الموروث الشعبي «الفولكلور» لعرب الجزيرة والخليج والبادية، لأن الأصل هو واحد ومتطابق عند الحاضرة والبادية، والمشاعر واحدة والمؤثرات واحدة والقيم والعادات والتقاليد واحدة، وفي الخمسينيات بدأت اتعلم القراءة والكتابة.
 كيف لك أن تصف علاقتك بالوالدين؟
- كان والدي جزاه الله خيرا وغفر له، متدينا جدا فكلف مطوعا من أهل نجد يعلمني القرآن الكريم وكنت متلهفاً لمعرفة الحروف التي أقرأ وأحفظ بواسطتها سور القران الكريم، فقرأت «جزء عم وجزء تبارك وجزء قد سمع» وختمت على يد هذا المطوع الفاضل الكثير من السور القرآنية الشريفة وقد كانت علاقتي بالوالدين رحمة الله عليهما طيبة تربطنا بهما المحبة وتعلمنا منهما التسامح والعطاء.
 ما هي أهم الكتب التي حرصت على اقتنائها منذ صغرك.. والتي قرأتها بعد ذلك؟
- اتذكر أول كتيبات اشتريتها من المكتبات عن الخلفاء الراشدين وعن الصحابة مثل خالد بن الوليد وبلال بن رباح وأبو عبيدة عامر بن الجراح وعمرو بن العاص وغيرهم، واشتريت كذلك قصة الزير سالم «أبو ليلى المهلهل» وقصة عنترة وعبلة وحمزة البهلوان وتغريبة بني هلال وسيف بن ذي يزن وقيس وليلى، وكنت أحفظ أشعار هذه القصص عن ظهر قلب، وقرأت كتيبات فيها قصص من ألف ليلة وليلة مثل قمر الزمان وقطر الندى والمصباح السحري وعلي بابا وأربعين حرامي والكثير الكثير من القصص والروايات، وفي سنة 1964 حصلت لي الكثير من المساهمات الأدبية والتراثية في مختلف الإذاعات وفي أكثر المسابقات كان الفوز حليفي، وأذكر أن مجلة الإذاعة البريطانية «هنا لندن» كتبت عني: «الشاب البدوي الذي يحفظ ديوان عنترة والمتنبي عن ظهر قلب وحبي للمتنبي دفعني فيما بعد أن أكتب عنه بحثا نشرته في بعض المجلات ومنها مجلة الكويت، كان حبي للتاريخ والأدب والتراث حبا غامرا لا يقف عند حدود، فقرأت أكثر المصادر والمراجع العربية أمثال الكامل في التاريخ والكامل في الأدب والعقد الفريد والأغاني وكتب الجاحظ والأصمعي والثعالبي وابن دريد ودواوين الشعراء والمعلقات وأيام العرب وتاريخ الطبري وكتب البلدان والحلل السندسية للأمير شكيب ارسلان ودواوين الشعراء المعاصرين أمثال شوقي وحافظ واليازجي وعبدالله بن خميس وعبدالعزيز بن عثيمين وفهد العسكر وصقر الشبيب والأخطل وبشارة الخوري وعمر أبو ريشة والرصافي والشابي والزهاوي والبارودي والكاظمي، وقرأت مجلة المقتطف والمقطم والمختار ومجلة لغة العرب للكرملي ومجلة العرب لشيخنا علامة الجزيرة حمد الجاسر والعربي ومجلة طبيبك لصبري قباني ومجلة المعرفة، باختصار كنت قارئاً جيداً لكل شيء مكتوب يقع تحت يدي.

 نظرة الإنسان للأمور تتغير مع الزمن
 مرحلة الشباب مهمة في حياة كل منا ماذا عن توجهاتك واهتماماتك في هذه المرحلة؟
- كما يقولون الشيء بالشيء يذكر ففي فترة الشباب كنت مهتماً بجمع كل ما له علاقة بتاريخ قبيلتي، حيث وجدت معلومات كثيرة عنها عند علماء نجد أمثال ابن بشر والفاخري وابن بسام وابن غنام وابن عباد والعصامي وغيرهم من عرب وعثمانيين ومستشرقين، ثم تطورت الأمور وتوسعت النظرة مع كبر سني وبدأ الاهتمام يتجه إلى تاريخ عرب الجزيرة والخليج خلال العهد العثماني والفترات المضطربة من تاريخ هذه المنطقة العربية، ثم مع تقدمي بالعمر أخذت الهواية تنمو وتكبر وتتعزز بالعلم والاطلاع على مصادر التاريخ والتراث لعرب الجزيرة، ففي الستينيات والسبعينيات بدأت أراسل مراكز المعلومات والوثائق والمكتبات في تركيا وبريطانيا ومكتبة ليدن في هولندا وألمانيا والقاهرة والهند، وكلما اسمع أو أقرأ عن خطوط أو وثيقة أكتب إلى مكان وجودها وأعطيهم رقم المفتاح لهذه الوثيقة أو رقم الدلالة لكاتبها ان كنت أعرفه وإلا أترك الأمر لهم لمساعدتي وإرفق الطلب بحوالة بريدية فيها المبلغ المطلوب ثم فيما بعد أخذت أرسل لهم شيكا بالمبلغ المطلوب وبهذه الطريقة تجمعت عندي الكثير من الوثائق والمعلومات التاريخية وفي السفر أقوم بزيارة الآثار التاريخية والمكتبات ودور الوثائق والمخطوطات وكنت انقل المعلومات كتابة بيدي واضعها في دفاتر مخصوصة لهذا الغرض، وتجمعت عندي الكثير من الدفاتر المبوبة والمفهرسة مع ذكر المصادر وأرقام صفحاتها، وبعد اطلاعي على معظم مصادر التاريخ والأدب والتراث العربي القديم ومقارنتها بالموروث «الفولكلور» العربي المتداول عند عرب الجزيرة وجدت التطابق في كل شيء، المسميات نفسها لم تتغير للبشر والأرض والسماء والأدب والقيم والعادات ولكل مناحي الحياة، ونشاطاتها فترسخت قناعتي بأن عرب اليوم هم عرب الأمس، وربط الماضي بالحاضر سهل جدا لكل باحث مطلع واسع المعرفة من أبناء هذه الأرض.
 ما هي الذكريات اللطيفة التي مازالت عالقة في ذهنك؟
- اتذكر في سنة 1962 كنت شابا مندفعا للكتابة عن تراث عرب الصحراء وكنت أكتب في مجلة متخصصة بالتراث الشعبي أن رئيس تحريرها وهو رجل مسن من العرب النصارى نصحني أن أقرأ في السنة النبوية الشريفة لاستفيد منها في مقالاتي وبحوثي التراثية فباشرت من ساعتي بقراءة سيرة ابن هشام  والأحاديث النبوية الشريفة عند البخاري ومسلم ثم موطأ مالك ومسند ابن حنبل ثم واصلت قراءاتي لكل كتب السيرة والحديث فكانت خير معين لي في حياتي وفي كل كتاباتي، ومازلت أنصح كل شاب مثقف ولديه اطلاع على الثقافات والآداب ألا ينسى هذه الكتب فهي الأساس بعد كتاب الله العظيم القرآن الكريم.
 من هم الكتاب المفضلين لديك..؟
- أستاذنا وشيخنا حمد الجاسر والشيخ محمد بن عمر بن عقيل الظاهري والأستاذ سيف بن مرزوق الشملان.

التسلح بالمعرفة
 كيف يتم جمع التاريخ والتراث.. من خلال رحلة عمل طويلة في هذا المجال..؟ وما هي صفات المؤرخ الجيد؟
- التاريخ علم له قواعده ونظرياته وأصوله وليس تسطير حكي «كلام» وكذلك التراث الشعبي «الفولكلور» له نظرياته وطرائفه الخاصة.
فالشخص غير المؤهل ثقافة وعلما واطلاعا لا يقدر أن يتصدى لمثل هذه الأمور، والتاريخ كما ذكر المعلم العربي المسلم القاضي ولي الدين عبدالرحمن بن محمد ابن خلدون «808هـ – 1405م» صاحب المقدمة الشهيرة، علم مثل بقية العلوم، والمؤرخ في نظر العلامة ابن خلدون يجب أن يعتمد على المنطق والمقارنة والقياس والاستقراء والاستنتاج ويتسلح بالمعرفة التامة والثقافة الزائدة والعقل الراجح فإن كان المؤرخ بهذه المواصفات فهو حتما سيصل إلى الحقيقة التاريخية التي يبحث عنها مجردة من المبالغات والأوهام والمغالطات.
 من خلال قراءتك الكثيرة في التراث العربي ما هي العناصر الأساسية المكونة لهذا التراث؟
- لقد وجدت خلال قراءاتي في التراث العربي التشابه والتطابق في الكثير من المفردات والعناصر الأساسية المكونة لهذا التراث مثل القصص والأمثال والأساطير والأغاني والزواج والحب، وحتى أكثر المسميات والتشبيهات لمكونات الطبيعة والبيئة تكاد تتطابق في جذورها اللغوية ومعانيها وان اختلفت طريقة نطقها من بلد عربي إلى بلد عربي آخر لأن المكونات الأساسية الموغلة في القدم لهذا التراث هي واحدة، والشيء اللافت للنظر أن أكثر الحكايات والحواديت والخرافات الشعبية التي يرددها كبار السن من الأجداد والجدات لها جذور قديمة جدا تتصل بأعماق التراث العربي القديم أيام ثمود وعاد وعصور الجاهلية ومرورا بعرب الإسلام الذين اشادوا الحضارات ونشروا العدل في ربوع الدنيا فتركوا بصماتهم الواضحة على الأرض وفي ضمائر البشر.
 البيداء والبحر كيف كانا في ماضيك وماضي الكويت؟
- البيداء والبحر هما ماضي الكويت حيث كان بينهما تعاون من أجل معيشة أفضل لأبناء هذه الأرض، فسكان البحر يعملون بالغوص على اللؤلؤ الذي كان تجارة مهمة في زمن مضي، فكان يبدأ موسم الغوص في شهر مايو حتى سبتمبر وفي هذه الفترة الزمنية يتوزع الغواصون على طول الخليج من الكويت إلى البحرين وعمان والمملكة العربية السعودية ويجتمعون في مكان يسمى الهيارات جمع كلمة «هير» وهي منابت اللؤلؤ ويعرفون أماكن المحار وأحيانا يحالفهم الحظ في صيد «دانة» وهي اللؤلوة الكبيرة التي تباع بمبالغ باهظة هذا بالإضافة إلى النشاطات البشرية المختلفة في سوق الكويت الذي كان يعتمد على التبادل بين أهل البيداء وأهل البحر، فأهل البيداء يجلبون الأغنام والإبل التي تباع في صفاة الكويت، وموسم الربيع هو الموسم الذي يكثر فيه الزبد والدهن والذبائح، بالإضافة إلى سفن الغوص كذلك سفن السفر إلى إفريقيا والهند لجلب الملابس والأقمشة والعطور والأخشاب وكل ما خف وزنه وغلي ثمنه فإذا جاءت هذه البضائع الكويت تكون الرسوم عليها قليلة وتحمل بواسطة قوافل الإبل.. وأهل الصحراء أي أهل القوافل وأهل الإبل هم الذين يقومون بتمويل التجار ومن يدلهم في طرق الصحراء فيتحركون بالبضائع إلى الشام ومصر في وقت لم تكن هناك وسائل للرفاهية كالسيارات.. أما من يقومون بنقل البضائع فلهم مسمى وهم «العاقيلات» وهي جمع عقيل وهم تجار لهم أماكن مخصصة لتجمعهم في مصر وبغداد ودمشق ويطلقون أسماء على أبوابهم فيسمى باب «شيخ عرب»، أما ميناء الكويت فمنذ الأزل وله أهمية كبيرة وكان سوق الكويت مشهور بكثرة البضائع التي تأتي من اليمن والهند بالإضافة إلى ما يجلبه أهل البادية من مواد غذائية وكان النقل داخل الكويت يتم بواسطة الإبل والخيل والحمير والأسر الحاضرة ما هم إلا أفراد من قبائل جزيرة العرب، فخشونة الصحراء هي أساس الحاضر.

قراقوش
 المؤرخ أحمد محارب الظفيري هل تحدك حدود في توثيق التاريخ.. أما أنك تهتم بالتاريخ في منطقة الخليج العربي كله..؟
- أنا مهتم بالتاريخ العربي عموماً وتاريخ الجزيرة خصوصاً فلوسألوني عن القاهرة أقول بناها «جوهر الصقلي» الخليفة الفاطمي وسميت القاهرة لأن النجم الكبير الذي كان ظاهرا وقتها اسمه المريخ.. أما الإسكندرية سقطت في العهد الروماني.. وكم اسكندرية بالعالم نسبت إلى «الاسكندر المقدوني» هذا القائد العجيب الأسطورة في الخطط العسكرية ولم يتجاوز عمره الأربعون عندما وصلت جيوشه إلى سور الهند العظيم.. لقد بحثت في كل أمور التاريخ.. ومن بنى قلعة صلاح الدين الأيوبي التي عاش فيها محمد على باشا، وقصة خادم صلاح الدين «قراقوش» الرجل الصالح وليس كما قال عنه التاريخ وكيف خدم صلاح الدين ثم من بعده أولاده.
 الدراسة في الكويت.. هل تراها تخرج من يهتم بتراث الكويت وتاريخها؟
- تغيرت الناس وقل الاهتمام بالتراث ومع الأسف في القليل النادر من نجده مهتم، لذلك أقول من الضروري الاهتمام بالتاريخ وتوثيقه فمثلاً جون كيندي هذا الرئيس الأميركي الذي مات فجأة وبطريقة غامضة له كتاب عن الآباء الذين اكتشفوا أميركا التي لم يكن يعرفها أحد قبل «300» عام وبعد الاكتشاف سميت العالم الجديد، كذلك له كتاب عن رجال العربات الأوليين، كذلك جواهر نهرو تلميذ غاندي له كتاب عن تراث أمته الهندية والحضارة الهندية وقوتها بعد ظهور الإسلام لسنين طويلة ومع ذلك بقي الهندوس، كل هولاء مهتمون بالتاريخ، فهناك نظرية التحدي والاستجابة وتاريخنا مشرف في دولنا العربية لكن مع الأسف لا يوجد من يحرص على جمعه في الوقت الحاضر إلا القليل النادر.

أرشيف كبر مع الزمن
 صف لنا الصعوبات التي واجهتك في البحث والتوثيق للتراث؟
- ذهبت لكل المراكز والمحال الخاصة ببيع الكتب وراسلت جميع المكتبات في العالم حتى أحصل على المعلومة مهما كلفني الأمر من مجهود أو مال، فإذا ذهبت إلى القاهرة أجلس لأوقات طويلة بدار الوثائق القومية لتجميع المعلومات فأقوم بالقراءة والتصوير حتى كونت أرشيفاً كبر مع الزمن أسجل فيه كل صغيرة وكبيرة، حتى تخيل البعض أنني أمتلك رأس هذه الكتب وهو أرشيف خاص حصيلة رحلة عمل طويلة فهي هواية منذ صغري حرصت على ممارستها، واتذكر في إحدى المرات عندما كنت مسافرا لإحدى الدول وكان بصحبتي أحد الأصدقاء فتعجب من المجهود الذي أقوم به حتى أحصل على المعلومات كذلك حرصت على رؤية كل الآثار في البلدان التي سافرت إليها.
 الشعر.. يصفه البعض بأنه أحد فروع التوثيق... فهل قام الشعر بالكويت بهذا الدور..؟
- الشعر ضروري، لان الحادثة التاريخية اذا كانت مدعومة بقصيدة توثق، وأي حادثة مذكورة بالتاريخ ولها قصيدة تعطي مصداقية فالقصيدة الشعبية والفصحى ضرورية مع اختلاف الاحداث وأنا اعتقد ان الشعر بالكويت قد وثق التاريخ لكن ليس في كل الامور تقال القصائد فمثلاً عند حدوث رياح او مرض خطيراً مثلاً للجدري او الحصبة وتقال قصيدة توثق الحادثة.
 التطور الحضاري والتكنولوجي هل ضد التراث... وما هو الاسلوب الامثل للاستفادة منه في التوثيق؟
- التراث هو ترتيب الأمور وحفظه من خلال الامثلة والحكايات والاساطير والمعلومات التاريخية لنقلها الى الاجيال القادمة بطريقة منظمة والعلم الحديث له دور مهم في المحافظة عليه بطريقة سهلة بدلاً من الرجوع الى الصفحات. لذلك لابد وان يستخدم العلم الحديث في المحافظة على التراث.
 ما هو موقع الكويت تراثيا من بين جيرانها؟
- الكويت متقاربة تاريخياً في العمر وتشكيل الدولة في حدود «300» سنة، بدأ من السعودية الدولة المباركة الاولى والثانية والثالثة الى جميع الدول العربية فالتاريخ متقارب ومتطابق حتى في الاسر الحاكمة بداية حكمها جميعاً في حدود الثلاثة قرون.

عاصرت الصحراء والحضر
 هل اثرت نشأتك في وضعك على طريق التاريخ؟
- نشأت في الصحراء وانتقلت الى الحضر فجمعت بين حياة الصحراء البادية وحياة الحضر وهو ما جعلني ادخل الى هذا الطريق. ومن ينشأ بالحضر لا يعرف معيشة البادية فتمر عليه الكثير من الامور التي لا يعرفها عن هذه الحياة. وقد وجدت في تاريخ الحضارة الاسلامية في العهد العباسي رجل يكتب في التاريخ عن القبائل وليس له علاقة بالقبائل فكانت كتاباته بها الكثير من الاخطاء لكن عند ما كتب الجاحظ القصص التاريخية والشعر وأسماء التضاريس نقلها صحيحة لانه ابن قبيلة. وبهذه المناسبة اتذكر العالم الكبير «ياقوت الحموي» في معجم البلدان عندما اخطأ وكتب عن مكان انه جبل وهو بئر ماء وذلك لعدم احتكاكه بأهل الصحراء لذلك لا يمكن لشخص ان يكتب عن مكان إلا اذا عاش فيه ومن حسن حظي انني عاصرت الصحراء والحضر.
 يقال انك أفضل من وثق تاريخ الكويت... كيف تنظر الى هذه المقولة..؟
- أنا انسان مجتهد أتأكد من المصادر والمعلومات فلا تخرج مني المعلومة إلا اذا كنت متأكد من صحتها وأسعى الى تأكيدها من كل المصادر.
 ما هي الفروقات السلبية بين واقع الكويت وماضيها؟
- لقد عرف عن سكان الكويت التقوى والصلاح منذ القدم ومع تقدم الزمن تغيرت الناس، فالتراث الكويتي له نكهة خاصة ممزوجة بنفحات الماضي، بتنوع مصادره من الفولكلور والفنون والمأثورات والحكايات والأمثال وغيرها. فتلك بدأت في التلاشي والانقراض نتيجة التبدلات والمتغيرات التي واكبت المجتمع. والانسان لا يتحقق بكماله بل بانتمائه الى مجتمعه وارتباطه به. وصحيح ان المستقبل كما يقولون، كتاب مغلق، لكن الصحيح ايضاً ان المستقبل يمكن استقراؤه من الحاضر، ذلك ان الحاضر ان لم يكن مربوطاً بالماضي يصبح كالنبت الشيطاني، فالأمم والشعوب الراقية هي التي تستنهض تاريخها وتراثها لتستخلص منه العبر والدروس، وتستلهم العشق والحب لتراث الوطن من الرواد الأوائل، كيف انهم كتبوا التاريخ وسطروا ملامح المجتمع وأنشأوا القيم والمثل وقواعد السلوك الاخلاقي. ان الاهتمام بالتراث والتاريخ امر لا يقل اهمية عن التعايش مع الحاضر، فالتاريخ تيار متدفق يحمل بين طياته عبق الحاضر وجماله وآمال المستقبل لذا لا يجب الفصل بين المراحل المختلفة، وقد شاهدنا كيف ان الامم جميعاً تقوم بتمجيد حضاراتها ومن ليس له ماض فلا حاضر له.. وصدق أمير الشعراء شوقي حين قال «إذا فاتك الالتفات الى الماضي، فقد غاب عنك وجه التآسي» وهناك مثل كويتي يقول «اللي ما له أول.. ماله تالي» وحتى لا تمحى من ذاكرة ابناء هذا الجيل صورة كويت الأمس وهويته وتاريخه وتراثه ورجاله ومآثرهم اتوجه اليهم بالتشبث بالتراث والأصالة والقيم والاخلاق.. اخلاق السلف والسير على منهجهم والمحافظة عليه من الاندثار والتشويه. فالحياة اليوم تغيرت بسبب التقدم والركود وراء مطلبات الحياة.

وجهان لعملة واحدة
 هل ترى ان الكويت في مفترق طرق سلوكي واجتماعي وتراثي؟
- البدو والحضر في تاريخ وتراث الكويت وجهان لعملة واحدة ومكملان لبعضهما البعض، فأهل البادية هم أهل الكويت في النسب والمصير الواحد ولا يستغني كل منهما عن الآخر سابقاً وحاضراً، والمجتمع الكويتي في الماضي مجتمع منتج، يعتمد على سد احتياجاته ومتطلباته الاساسية بنفسه فجميع الحرف والمهن القديمة كان يزاولها اهل الديرة، فقد كان المجتمع بسيطاً باقتصادياته واحتياجاته الاساسية. وبالنهاية اود ان اقول ان العادات والتقاليد مهما وصلنا ستبقى هي الاساس كما سيبقى الدين الاسلامي العظيم في ضمائرنا وعقولنا. فالشاب الذي بهرته الموجة الحضارية بسبب الانفتاح سيعود لأن القيم والعادات راسخة فمهما نرى على السطح ستبقى الأخلاق عبر العصور للأجيال القادمة فهي ليست وليدة الصدفة وإنما مترسبة يتوارثها الأجيال.
 من هم أولادك وأيهم تأثر بك في هواية جمع التراث؟
- عندي من الأولاد والبنات ثمانية والأكثر تأثراً بي ابني شهاب طبيب استشاري كذلك سعد مدرس ويميلان لهواية جمع التراث.
 من هم أصدقاؤك؟
- أصدقائي كثيرون فمنهم من يحب الأدب والشعر ومنهم من يهوى التراث.
 ماذا عن زواجك وما هو دورها في حياتك؟
- تزوجت بطريقة تقليدية من خلال الأهل وهي امرأة صالحة ولها دور طيب في حياتي خصوصاً عند الكبر والمرض وقفت بجانبي وهي رفيقة دربي.

روض الفرج
 ما هي البلدان التي تحب قضاء اجازتك فيها؟
- القاهرة هي البلد الذي أشعر فيه بالراحة فأذهب إلى الشوارع القديمة والأسواق الداخلية واتجول في سوق الأزبكية لشراء الكتب.. وأصلي في مسجد روض الفرج.
 كيف تقضي يومك؟
- وقتي منظم ما بين العمل والقراءة فأنا لا استطيع العيش بدون القراءة.
 ماذا تشاهد من برامج تلفزيونية؟
- اتابع الأخبار والبرامج التاريخية والقصص والأفلام القديمة ولي برامج تذاع في العديد من القنوات الفضائية اتابعها، وأرى أن أهم شيء في الحياة هي كسب محبة الناس وأنا أقوم بتوثيق الماضي حتى يستفيدوا منه.
 ماذا عن طموحاتك؟
-          لا يستطيع الإنسان أن يحقق كل طموحاته ولكن بوصول أولادي إلى المراكز المرموقة تحقق الجزء الأكبر من الطموحات.

تقديم عريضة لتحديد موعد
 ماهي المواقف الطريفة في حياتك..؟
- قبل اعوام ذهبت الى احدى المجلات الرصينة لنشر احد بحوثي فيها، فقابلت مدير تحريرها وطلبت منه السماح لي بمقابلة رئيس التحرير فقال لي: هذا الأمر لا يجوز الا بعريضة وتحديد موعد!! وكنت اشاهد رئيس التحرير جالسا بغرفته لوحده.. ولم استرح لحركات مدير التحرير ونظرته المتعالية.. وقبل ان انصرف قلت له: هل تصدق يا أستاذ ان محدثكم كان من كتاب مجلتكم قبل عشرين سنة ومجلتكم كتبت عنه ومدحته ولكن يظهر انه لم يصدق هذا البدوي المتحدث الواقف امامه. كذلك كتبت ردا على احدى المؤرخات الفاضلات، وكان يتضمن مناقشة وتصويبا لمقال لها نشرته في احدى الجرائد.. ولما اتصلت بالجريدة المذكورة فوجئت بان الجريدة ارسلت ردي الى المؤرخة الفاضلة لاخذ رأيها، وبعد أيام اتصلت بي الأخت المؤرخة الفاضلة عدة مرات طالبة حضوري ولما حضرت عندها قالت لي: انني كنت اظنك صغيراً بالسن ولكن حسب شوفتي لك الآن انت اكبر مني عمراً.. وبعد ان تناقشنا بالموضوع قالت لي: أنت موسوعة متنقلة فشكرتها على هذا الاطراء ورجوتها ان تعيد مقالي الى الجريدة لنشره، ولكنها للأسف لم تعده وبقى عندها وبعد نصف سنة من مقابلتي لها اضطرت لنشره في احدى المجلات المتخصصة حفظاً لمقالي من الضياع وخشية ان ينسب جهدي لغيري مع تقادم الزمن.

رسالة
 اذا طلبت منك توجيه رسالة فلمن ستوجهها؟ وماذا ستقول فيها؟
اتوجه برسالتي الى الله تعالى ان يحفظنا بالأمن والأمان وان يحفظ الله الأسرة الحاكمة المباركة آل الصباح واسأل لهم الصلاح والفلاح.

بطولات وهمية
 ماهي المواقف الحزينة في حياة المؤرخ أحمد محارب الظفيري؟
-     احزن كثيراً عندما أقرأ لمؤرخ يزيف الحقائق عن عمد، ويمدح من يكتب عنه مدحاً لا يقره العقل ولا يقبله الذوق السليم، وينسب لممدوحه بطولات وهمية غير موجودة فيه. ومن الأمور المحزنة ايضا عندما تجد بعض الكتاب يصنف احد البشر في كتابته فيكتب عن جماعته ويتجاهل الآخرين عن عمد مسبق، علما بأن الجميع من أبناء هذه الأرض الطيبة أصلهم واحد وتاريخهم واحد وتراثهم واحد. واحيانا نجد احد الكتاب مع كل الاسف عندما يترجم كتابا لاحد الاجانب من المستشرقين، يهمل اخبار بعض الشخصيات أو بعض القبائل لان اخبارهم لا تعجبه!! فامثال هذا المترجم «بعضهم لا يجيد اللغة الاجنبية يكلف غيره بالترجمة» غير الامين بحاجة الى الرثاء ورد بضاعته المترجمة اليه بكل احترام مع ذكر عيوبها له لعله يتعظ.

عالم اليوم المفضلة
 نعيش الآن طفرة واسعة بزيادة عدد الصحف والمجلات أي الجرائد والمجلات تفضل قرأتها؟
- زيادة عدد الصحف اليومية يصب في مصلحة القارئ ويفتح المجال لحرية الرأي والمجلة المفضلة بالنسبة لي هي مجلة الكويت الصادرة عن وزارة الإعلام ومجلة الدارة الصادرة عن دارة الملك عبدالعزيز بالرياض أما في الجرائد فأنا حريص على جريدة عالم اليوم حيث انني ألاحظ تطورها المستمر.

المظاهر الغريبة
 ما الذي فقدناه في الوقت الحاضر ونحتاج إعادته؟
- نحتاج الى التعاون والاتحاد والرجوع للقيم والعادات العربية المتوارثة منذ قديم الأزل، والى شباب يخدم بلده ولا يلهو بالقشور والمظاهر الغربية.. فالغرب تقدم بالعلم والدراسة واستقر عليه ونحن نحتاج الى الشباب المهتم بالعلم والدراسة حتى يصبحوا قدوة حسنة لغيرهم.

الديوانية.. «دينامو» المرشحين وقاعدة العمليات في الانتخابات



كتب أحمد يحيى
منذ نشأة المجتمع الكويتي، والديوانية أحد سماته ومميزاته بين غيره من المجتمعات، وهي منتدى سياسي وثقافي واجتماعي لما يناقش فيها من أخبار وموضوعات، وهي بمثابة مطبخ صناعة القرار في كثير من الأمور السياسية والاجتماعية وغيرها.
في الأيام العادية تعتبر الديوانية مُلتقى لأهل الكويت، وفي رمضان تكون دارا للمناسبات، وفي الأفراح تمثل صالة لاستقبال المهنئين، وهكذا.
ويُسجل التاريخ «حركة ديوانيات الاثنين» بعد حل برلمان 1986، حيث حركت المعارضة الشارع ولجأت لهذه  الديوانيات فأصبح للديوانية وجهها السياسي.
ولا يخفى على أحد ذلك الدور الذي تلعبه الديوانية في الحملات الانتخابية فهي المجال المكاني الأنسب الذي يمكنه أن يجمع المرشحين والناخبين في صورة ودية بعيدا ن الرسميات.
وعن تاريخ الدواوين أو الديوانيات قال الباحث في التاريخ والتراث أحمد محارب الظفيري لـ«عالم اليوم» إن لفظ ديوان له أصل أعجمي، حيث لم يكن العرب قبل الفتوحات الكبرى في عهد الخليفة الثاني الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرفون هذه التسمية، وعندما تم تحرير العراق من الأمبراطورية الفارسية في ذلك الوقت، وجدوا أن الفرس لديهم نظام تسجيل منظم اسمه «دوّان» بمعنى السجل، فكانوا يقولون «دوان الجند» مثلاً، فاستخدم العرب هذا النظام وأطلقوا عليه مسمى «ديوان» من أجل أن تتماشى مع النطق العربي، فالعرب دوما يحورون الكلمة الأعجمية حتى تتماشى مع النطق العربي مثلما حوروا «فانلس» وأسموها «الأندلس».
وأكمل كان استخدام العرب في ذلك الوقت لـ«ديوان» استخداماً رسمياً أيضا، مثل، ديوان الجند، ديوان المتطوعين، ديوان العطاء وكلها بمعنى السِّجل وأسموا المكان الذي يجلس فيه الكتبة أيضاً ديواناً.
ونظم الخليفة عمر بن الخطاب الديوان على أسس مرتبة وبات لكل نشاط في الدولة الإسلامية سجلات تُسمى الدواوين، ويصغرونه بـ«دويوين»، ثم بعد ذلك بدأ استخدامها يتحول إلى الاستخدام الشعبي، حيث في الزمان الماضي كانت الأخبار تأتي من الركبان الذين ينقلون البضائع من المشرق إلى المغرب ومن الشام إلى مصر والعراق وغيرها محملين بالبضائع، وكانوا يسمون «تجار عقيل» معظمهم من أهل نجد، حيث كلما وصلوا مكاناً حدثوا القوم عن أخبار الأقوام الأخرى، وكانوا ينزلون إلى الدواوين، فأصبح الديوان مُلتقى للأخبار ومصدر لها بنفس الوقت، إلى جانب أنه مضافة حيث كان الرُحل والقادمون من أماكن بعيدة يجلسون وينامون فيها.
وقال الظفيري: كان لشيوخ الخليج وأمرائها وسلوكها دواوين، فكان الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه دار ضيافة يسمونها «سُليم» يقدم فيها الزاد للضيوف، وكان العبد اسمه «سرور» فقال أحد الضيوف الذين كانوا يتقاطرون على مضافه الملك عبدالعزيز:
يا سرور بسليم كلك نور
حيثك تعرف المواجيب
يعل من ومرك منصور
فعلك يسر المعازيب
من باب صنعا إليا الخابور
تجيك مثل الدواليب
وأضاف: وفي الكويت  كان للشيخ جابر بن عبدالله الصباح «جابر العيش» الحاكم الثالث للكويت، مضافة كبيرة «ديوان» يقدم فيها العيش «الأزرق» واللحم والطعام لكل من قدم من سفر بعيد، وقد ذكر المستشرقون أنه كان كريما جدا، وكذلك كان للشيخ مبارك الصباح رحمه  الله، مضافة كبيرة تستقبل الضيوف، وكان له عبيد يأخذون الركايب «فرس أو ذلول أي ناقة ركوب أصيلة» إلى مكان لها، فيما يقوم رجال المضافة «الديوان» يستقبلون الضيوف في المضافة ويقدمون لهم  الزاد والقهوة العربية.
واستطرد الظفيري هذه المضافات أصبحت تُسمى الدواوين بعد ذلك، فعند عرب الصحراء في جزيرة العرب يُقسم بيت الشعر قسمين، قسم حرم للنساء، وقسم ديوان يسمونه الربعة «ربعة الرجال» وانتشر الديوان عند عربان الجزيرة بالحواضر والبوادي وأصبح بمعنى دار الضيافة.
وتابع: في مجتمعنا قبل ظهور النفط كانت الدواوين عند الشخصيات والرجال الغانمين المعروفين عند الحاكم عند شيوخ القبائل والأفخاذ يجلسون فيها ويتبادلون الآراء في ربعة الرجال في بيت الشعر، وكان الديوان ينسب إلى اسم الأسرة أو عميد الأسرة مثل ديوان شملان بن علي بن سيف الرومي أو يقال ديوان الرومي وهكذا، أما بعد ظهور النفط فقد تكررت الدواوين في الأسرة الواحدة وأصبح لكل شخص ديوانه الملحق في بيته، وبات مجلسا للضيوف الذين يُسيّرون عليه «يزورونه». وأصبح مجمعا يتبادلون فيه الحديث عن الأمور الخاصة والعامة بالمنطقة أو بالدولة سواء سياسية كالانتخابات أو ثقافية لتبادل الأشعار أو تاريخية أو دينية وغيرها، لأن رواد الديوانية هم جماعة واحدة كل يعرف الآخر، وهم من فريج «فريق» واحد أو من محلة «حارة».
من جانبه قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت د. يعقوب الكندري إن الديوانية تمثل أحد أذرع التراث الكويتي الأصيل والقديم وهي عادة اجتماعية متوارثة من الآباء والأجداد على مر العصور، ولها من الوظائف الاجتماعية ما لها إلى جانب أدوارها التربوية والتثقيفية والإعلامية والسياسية والتي لا يمكن الاستغناء عن أي منها.
وأوضح أن الديوانية لعبت أدوارا بارزة في مراحل التاريخ الكويتي المختلفة، سواء منذ أن كان المجتمع المحلي مجتمعا تقليديا، أو أثناء الغزو العراقي الغاشم على أرضنا أو حتى في الحقبة المعاصرة، حيث وضعت لها بصمة قوية في مراحل الكويت الثلاثة.
وزاد: الديوانية يبرز دورها السياسي ويصل إلى أوجه أثناء فترات الانتخابات البرلمانية كما هو الحال حاليا، حيث تأخذ شكل المنتدى الأساسي والمحرك الرئيسي لعملية الانتخابات عبر مجموعة من أدوارها المحورية والتي من أبرزها أنها وسيلة من وسائل تواصل المرشح مع ناخبيه، فمن خلالها يمكنه وعرض أفكاره وآرائه ووجهات نظره، ويضع أطروحاته وخططه بين يدي ناخبيه، ومن ثم يمكن الرواد الديوانية أن يستمعوا إلى فكرة وتوجهاته ويقارنوا بينه وبين غيره من المرشحين وفي النهاية ترجع كفة أحدهم على الآخر عبر تكوين قناعة الناخبين وتحديد خريطة التصويت وما ان كانوا سيصوتون لهذا المرشح من عدمه.
وأكد الكندري: لا يمكن في ظل ثقافتنا ومعتقداتنا الاجتماعية الاستغناء عن الديوانية في العملية السياسية وبالأخص في الجانب  الانتخابي، ولا يمكن أيضا لأي مرشح مهما كان تاريخه وأيا ما كانت قوته أن ينجح في الانتخابات ما لم يكن له تأييد واسع من قبل رواد ديوانيات المنطقة، لذا يمكن القول بكل ثقة إن الديوانية هي العمود الفقري لنجاح المرشح في المجتمع المحلي.
وأضاف: للديوانية كذلك دورا إعلامي قلما تجده في أي مجتمع آخر، وخاصة أثناء العملية الانتخابية، إذ أنها تتفوق على غيرها من الوسائل الإعلامية سواء أكان تلفزيونيا أم صحافة وهكذا في كون طريقة عرضها للأمر بين المرشح وناخبيه بصفة ودية وتطغى عليها جوانب الألفة والأخذ والرد بشكل تلقائي لا يمكن ان تنقله وسيلة غير الديوانية، لذا فهي ملتقى ثقافي، علمي، وأدبي يعرض المرشح بهيئته الطبيعية بعيدا عن أضواء الصحافة وفلاشات التلفزيون.
وذكر: لقد لعبت الديوانية الدور المحوري في السابق في إيصال العديد من المرشحين إلى مجلس الأمة فأصبحوا نوابا بفضل تواصلهم مع روادها، ولا يزال هذا الدور مسجلا باسمها.
إلى جانب انها تعتبر من وسائل الضغط السياسي على المترشح الذي يريد الوصول إلى قاعة عبدالله السالم، وهذا الضغط يتم من خلال الرواد، الذين يمثلون القواعد الانتخابية التي لا يمكن ان يتنازل عنها المترشح.
وختم: والدواوين كذلك مطبخ للقرار السياسي، فكثير ما نسمع النواب يؤكدون عبر وسائل الإعلام أنهم استطلعوا مطالب رواد الديوانيات وأنهم يضمون مطالب الرواد إلى أولوياتهم وبدون الديوانية لن ينجح أحد.