تصميم ومتابعة وتطوير المدونة بواسطة :

تم عمل هذه المدونة بواسطة : أحمد السعيدي
http://aldhafaeri.blogspot.com/


الأحد، 22 يوليو 2012

كل عام وانتم بخير



ان الكلمات تحتار في تحيتكم 




ولقد تاخرت بحثا عن ما يناسبكم 






كل عام وأنتم بخير 


وعساكم من عواده 






مع تحيات 
أخوكم أحمد محارب الظفيري (بوخالد)


وأخوكم أحمد السعيدي
مصمم مواقع إلكترونية

الاثنين، 18 يونيو 2012

تنبيه مهم

يتوقف برنامجكم واحة المستمعين والذي يبث على اثير اذاعة دولة الكويت البرنامج الثاني على الموجة ٩٧.٥ اف ام ونرجع لكم في اول رمضان ان شاء الله وتكون بث البرنامج كالتالي من الساعة التاسعة مساء وحتى العاشرة وفي الايام من الاحد والاثنين والثلاثاء




حفظكم الله اينما تكونوا


اخوكم
آحمد محارب الظفيري


مدير الصفحه
احمد السعيدي

السبت، 28 أبريل 2012

غدا يتجدد اللقاء بكم

غدا باذن الرحمن يتجدد اللقاء بكم في اذاعة دولة الكويت - البرنامج الثاني على موجة fm 97.5 في تمام الساعة 02:00 ظهرا حسب التوقيت المحلي لدولة الكويت في برنامجكم واحة المستمعين وهو من اخراج معاذ السريع 
بسم الله الرحمن الرحيم

السيدات و السادة    المحترمين
متابعين موقع الاستاذ أحمد بن محارب الظفيري

الاستاذ أحمد بن محارب الظفيري



تم تحديث الصفحة الخاصة بكتب ومقالات الاستاذ احمد بن محارب الظفيري 


للدخول عليها اضغط هنا او ادخل على صفحة كتب ومقالات

ارشيف السياسة

ارشيف الاستاذ احمد بن محارب الظفيري كامل في جريدة السياسة الكويتية 


اضغط هنا

الأمير الثالث عشر الشيخ جابر الأحمد... خيار من خيار


الأمير الثالث عشر الشيخ جابر الأحمد... خيار من خيار


 تميز سمو أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - رحمة الله عليه - بالمآثر الحميدة, والأخلاق العربية الإسلامية الراقية النبيلة, فهو معروف عند الجميع بالتدين ومخافة الله بالسر والعلن. لذلك لا نستغرب هذا الحب الكبير الذي يحمله الناس له في قلوبهم وضمائرهم, فالكل يتضرع إلى الله جل وعلا أن يرحمه برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته.
 ففي دولة الكويت التعليم والعلاج مجانيان, ولكل مواطن لا يقدر على العمل بسبب المرض أو كبر السن أو الإعاقة أو عدم وجود المعيل , راتب مجز من الدولة يتسلمه في نهاية كل شهر, أما الأطفال الذين لا معيل لهم, فتعيلهم وتحفظ رواتبهم لهم حتى يكبروا.
 وكل الخدمات على مختلف أنواعها تقدم للمواطنين والمقيمين بأسعار رمزية زهيدة مقارنة بغيرها في الدول الأخرى.
إن كل منصف وصاحب ضمير حي يقف إجلالا واحتراما لهذا الأمير الرجل الخير العاقل الحكيم, الذي جعل من دولته موطن خير وسعادة, فهو مبارك ودولته مباركة, فالإنسان على أرضها يشعر بالكرامة والحرية والأمان والطمأنينة.
 ولقد صدق الاستاذ طارق العبيد عندما كتب في جريدة "الوطن" يوم الخميس 29/11/2001م العدد 9268/3714 في صفحة 17 واصفا سمو الأمير جابر الأحمد الجابر الصباح, في مقالته المعنونة ب¯" مكانة عظيمة لأميرنا في قلوبنا" والتي نقتطف منها الآتي: "يحرص الأمير, وتلك أيضا  عادته, بتقديم العزاء لذوي وأهل المتوفى. فتخيل معي ان يدخل عليك أمير البلاد لكي يقول لك: عظم الله أجرك, وتخيل كذلك ما هو شعور أهل المتوفى تجاه أمير البلاد وهذه لعمري لم أجده في البلاد الأخرى, وهذه نعمة عظيمة نحسد عليها نحن ككويتيين فالشكر لك يارب العالمين بأن اعطيتنا أميراً متواضعاً كجابر الخير.
ولقد التقيت قبل فترة بالشيخ ثامر جابر الأحمد وهو بحق ابن أبيه.. فهو نسخة مكررة من التواضع والشهامة والحب الكبير لأهل الكويت... فقال: "إن هذا الأمر عند الوالد منذ ان كان محافظاً لمدينة الأحمدي"?!
وأنا اقول: ونحن بشهر الخير والتواصل والعطاء - يقصد شهر رمضان - اللهم رب الناس اذهب البأس واشف انت الشافي لا شفاء إلا شفاوك شفاء لا يغادر سقماً لأمير البلاد المفدى".
محاولة الاغتيال
وفي المواقف الصعبة الحالكة تظهر معادن الرجال, فالذهب يبقى ذهبا في كل الظروف والمتغيرات. لقد تعرض سمو الامير جابر الاحمد الجابر الصباح في الساعة التاسعة والربع من صباح يوم السبت 6 رمضان 1405ه¯ ¯ 25 مايو 1985م لمحاولة اغتيال آثمة, قام بها مجرم آثم مأجور (ليس من اهل الكويت) حيث اقتحم بسيارته الملغومة موكب سو الامير بقصد اغتياله, ولكن رب العزة والجلال أنجاه وأنقذه من محاولة الاثمين وكيد الكائدين. وبعد نجاة سموه وسلامته توجه الى الشعب الكويتي عبر الاذاعة والتلفزيون بهذه الكلمة السامية:
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين.
اخواني ابناء بلدي: "قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا" صدق الله العظيم.
لقد سمعتم ما حدث اليوم والمؤمن يسلم أمره الى الله تعالى فهو الحافظ وبيده كل شيء, واود ان اطمئنكم جميعا بأنني الان بخير والحمد لله ومهما نتعرض له من حوادث فان ذلك لن يثنينا ويثني الكويت عن السير في طريق الخير للجميع وان تعمل من اجل الخير لابنائها ولامتنا العربية والاسلامية.
انني اشكركم جميعا لما اظهرتم من مشاعر صادقة, واسأل الله سبحانه ان يبعد عنكم كل مكروه.
كما اود ان اشكر اخواني الرؤساء الذين اتصلوا بي معربين عن مشاعرهم الاخوية التي اعتز بها.
حفظ الله الجميع من كل مكروه ورحم الله الذين راحوا ضحية هذا الحادث الاليم وكتب الله الشفاء للمصابين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد هذا الحادث الاجرامي الذي تعرض له موكب سمو الامير والذي استشهد بسببه اثنان من الحرس الاميري هما الشهيد العريف محمد قبلان العنزي والشهيد الجندي هادي حمد لافي الشمري واصيب فيه 12 شخصا اخرين باصابات مختلفة. نعم كلنا يذكر والناس جميعا في داخل الكويت وخارجها يتذكرون كيف سارت الامور خلال ذلك الوقت ابان وقوع ذلك الحادث الاثم والكل يذكر كيف تحركت الاوضاع في دولة الكويت التي على رأسها سمو الامير جابر الاحمد الجابر الصباح لقد تصرفت كل مؤسسات الدولة بحكمة وهدوء وعالجت السلطات الامنية الوضع بخطة امنية محكمة واعية من دون ضجيج او تشنج, فلا اعتقالات ولا مداهمات ولا اعلان للاحكام العرفية كما جرت العادة في الكثير من دول العالم الثالث وغيرها.. لقد عاش الناس بحالتهم الطبيعية الاعتيادية وكأن شيئا لم يكن.
ولقد صدق اجدادنا العرب عندما قالوا: " الناس على دين ملوكهم"
ورحم الله الأديب الشاعر خالد سعود الزيد الذي هزه الحادث الجلل الذي تعرض له سمو الأمير, فأنشد هذه الأبيات المعبرة عن أنبل المشاعر والأحاسيس:
سلمت وأنت للبلاد السوار
ومعصمها وماحوت البحار
وأنت نهارها مازلت وجهاً
كريما تستقل به العثار
تحييك القلوب وأنت فيها
سليل مودة وأب وجار
وتفديك النفوس ومن عليها
فأنت لكل باصرة نهار
أجابر شعبه مازلت ركناً
به تحمى المواكب والذمار
أجابر شعبه مازلت ركناً
منيعاً ليس يجهده الحصار
أجابر شعبه والليل أضنى
على همم هي الههم الصغار
وأنت بهمة أسنى وأدنى
مراقيها لدى الجلى الكبار
فطب نفساً فأنت بناء قوم
بناهُ على مدامعهم خيارُ
يطيب بذكرك الشرف المعلى
وتزدان السرائر والسرار
سلمت وأنت للبلد السوار
ومعصمها وما حوت البحار
\ من انجازاته وآثاره الخالدة
الأمير الراحل جابر الأحمد الجابر الصباح - رحمة الله عليه- هو صاحب فكرة تكوين مجلس التعاون الخليجي, فاجتمع كل أهل الخليج العربي في هذا المجلس, فأصبح أنجح منظومة عربية على الإطلاق.
والأمير جابر هو الذي أمر بإنشاء صندوق الأجيال القادمة وهو الذي أمر بإنشاء صندوق التنمية الكويتي, وهو الذي أسقط الديون عن الدول الفقيرة.
أرسل الشاعر الشعبي فهد الجبري هذين البيتين الى الشاعر شريدة المعوشرجي عندما توفى الشيخ جابر - رحمة الله عليه- يقول:
ياشريدة من يعزيني بجابر
راح شيخ كل أبونا فاقدينه
الأحد حطوه في وسط المقابر
مع صلاة العصر كنا دافنينه
ورد الشاعر شريدة المعوشرجي على الشاعر فهد الجبري قائلاً:
 يا فهد راح اللي للعثرات جابر
والذخر باخوانه اللي ساندينه
أسرة لا راح كابر جاك كابر
علمهم فينا ترانا خابرينه

بقلم الكاتب الاستاذ أحمد بن محارب الظفيري
* باحث في التاريخ والتراث
نشر في جريدة السياسة الكويتية

«اتدعون بعلا وتذورن احسن الخالقين»




بعل: صنم من اصنام عرب الجاهلية التي يعبدونها، لذلك خاطبهم رب العزة والجلال في محكم كتابه المبين قائلا:
«اتدعون بعلا وتذورن احسن الخالقين»
أي اتدعون بعلا ربا لكم وتتركون رب العالمين الواحد الاحد الذي هو الله سبحانه وتعالى.
يذكر الاخباريون العرب في مؤلفاتهم وكتاب التراث العربي الاسلامي ان هذا الصنم «بعل» كان تمثالا مصنوعا من الصخر وموشحا أو مطليا بالذهب وبعضهم قال: ان بعلا مصنوع من الذهب ولكننا نرجح الرأي الأول فالصنم جسمه من الحجر وموشحا أو مطليا بالذهب.
وعندما جاء الاسلام العظيم دين التوحيد، سقط بعل وداسته الاقدام هو وكل الاصنام الاخرى، ورجع العرب إلى الديانة الحنيفية ديانة ابيهم ابراهيم الخليل- عليه السلام وعلى نبينا محمد افضل الصلاة والسلام.

> بعل معبود عند الشعوب السامية «الأعراق العربية القديمة»
كتب التاريخ والتراث ومعاجم اللغة العربية التي وصلتنا من عهد الدولة العربية الاسلامية العباسية تذكر ان بعلا هو الصنم الذي كان يعبده قوم نبي الله الياس وقوم نبي الله يونس- عليهما السلام- وهذا يؤكد على ان عبادته كانت قديمة ولو كان كتاب ذلك الزمان يعرفون قراءة الكتابات السامية القديمة كالبابلية والاشورية والفينيقية والهبروغليفية والسبائية لعرفوا ان الصنم او الالة «بعل» كان معبودا منذ تاريخ قديم وهذه الكتابات التي ذكرناها لم تقرأ إلا في عصرنا الحالي بفضل علماء الغرب المتخصصين باللغات والآثار القديمة ومن هذه اللغات الشرقية «السامية» الموغلة بالقدم عرفنا ان بعلا كان معبودا وحوله استفهامات كثيرة وخلال قراآتي لتاريخ حضارات فجر التاريخ والتي كونتها المجموعات البشرية الكبيرة المهاجرة من جزيرة العرب والتي كونت لها ممالك حضارية في بلاد الشام ومصر ومابين النهرين وبدأت هجرتها منذ الالف السادس قبل الميلاد بعد تغير مناخ الجزيرة العربية من البرودة والامطار إلى الحرارة والجفاف وهؤلاء المهاجرون هم اعراق عربية قديمة كان علماء الغرب يسميهم بـ«الاقوام الشرقية» ثم فيما بعد سموهم بـ«الاقوام السامية» وهم: «البابليون» و«الاشوريون» و«الفينيقيون» و«العموريون» و«الكادانيون» و«العبرانيون» و«الكنعانيون» وغيرهم وكل هؤلاء الاقوام ذكروا الإله «بعل» ونسجوا حوله الاساطير والخرافات العجيبة.
> «بعل» واخته «اناة» في السماء اذا تزوجا زاد المطر
وجدنا ان الكتابات المسمارية القديمة والتي تسمى بـ«اللغات السامية» تذكر الإله «بعل» وتنسج حوله الاساطير والحكايات والخرافات واللافت للنظر انه مذكور في اللغة الأكادية والكنعانية والعمورية والبابلية والآشورية والكلدانية والآرامية وكذلك مذكور عند عرب الجاهلية في جزيرة العرب قرأت اسطور كنعانية تمجد الإله «بعل» واخته الإلة «اناة» وهما يسكنان السماء والإله «بعل» هو إله المطر والخصب، وإذا ما تزوج الإله «بعل» الإلهة «أناة» فإن حصيلة هذا الزواج امطار غزيرة كثيرة تملأ الارض والوديان متحضر الارض فتأثر الابقار والعجول والاغنام والرخال «ولد الشاة الذكر رضل والانثى رخلة» وبالعبرية بنت الشاة «رخيل» وانتقلت الانكليزية «راشيل: اسم للفتاة» وصنع هؤلاء الساميون اصناما على الارض للإله«بعل» ووضعوها في معابد مخصوصة يزورونها ويذبحون الذبائح لها ويتمسحون بها، مثلما يتمسح بعض الناس في عصرنا الحالي في بعض البلدان بالصخور والقبور، ويقدمون لها النذور والقرابين.
والكنعانيون ومنهم «الفينيقيون» و«العموريون استقروا في بلاد الهلال الخصيب ووادي الرافدين خلال الألف الثالثة ق. م ويرجع اصلهم القديم إلى العرب «العمالقة» ولغتنا العربية الفصحى هي الوريث الشرعي لكل اللغات السامية التي تكلمت بها الشعوب الشرقية القديمة التي كونت الحضارات الانسانية القديمة في بلاد مابين النهرين «دجلة والفرات» mesopetamea«ميسوبوتاميا» وفي بلاد الهلال الخصيب the fertile التي تحيط بجزيرة العرب وكأنها الهلال أو القوس، وكل هذه الشعوب تكون جميعها عائلة لغوية family languages وتنحدر من اصل واحد ومنبعها هو جزيرة العرب التي هاجرت منها عندما مسها الحر والجفاف وهذه الاعراق العربية القديمة التي اصطلح علماء الغرب على تسميتها بـ«الأقوام أو الشعوب السامية» ترجع بأصولها إلى القبائل العربية القديمة «عاد» و«ثمود» و«العمالقة» و«مدين» و«حضرموت» و«طسم» و«جديس» و«جرهم الأولى».
«بعل» إله المطر والربيع واسمه يتكون من «بع» و«إيل»
«بعل» إله المطر والخصوبة والربيع عند «الشعوب السامية» وبعضهم يسميها «الشعوب الجزرية» -نسبة إلى جزيرة العرب- ونحن نسميها «الأعراق العربية القديمة» المهاجرة من جزيرة العرب.
والعرب الذين بقوا في جزيرتهم ولم يغادروها استوردوا الصنم «بعل» من الشعوب السامية.
هذا الإله «بعل» المقدس في لغات الشعوب السامية يتكون اسمه من مقطعين «بع» و«إيل» أو «إيلا» يجب ان نتذكر أن كتاباتهم خالية من حركات الإعراب.
«بع» بمعنى مطر في لغتهم، و«إيل أو إيلا» بمعنى إله أو الله. فيصبح معنى «بعل» هو «إله المطر» لأن بعل مكون من مقطعين ملتصقين مع بعضهما بع وإيل أي «بع إيل».
«بعل»: كلمة عربية قديمة جدا استخدمتها الأعراق العربية التي كونت حضارات فجر التاريخ، ومازلنا حتى هذا اليوم نستخدم كلمة «بعل» في لغتنا العربية المعاصرة وفي كلامنا وكتاباتنا، وهي مفردة عربية فصيحة، وكانت هذه الكلمة في سالف العصر وقديم الزمان، عند أجدادنا العرب الأقدمين اسما لصنم على الأرض يعبد وهذا الصنم يمثل إلها في السماء اسمه «بعل»، ولو رجعنا إلى اللغات الشرقية القديمة التي سماها المستشرق العالم النمساوي الألماني الكبير شلوتزرSCHLOEZER باللغات السامية لوجدنا اسم هذا الإله يتكون من مقطعين هما «بع» و«إيل» ويجب أن تتذكروا ان كتاباتهم لا تحتوي على حركات إعراب لذلك ننطقها بعدة صيغ صوتية، وهذا الإله بعل مذكورة بكثرة في اللغات السامية وخاصة اللغة «الكنعانية» وبما أن لغتنا العربية الحية هي الوريث الشرعي لهذه اللغات السامية القديمة المنقرضة وتلتقي مع هذه اللغات بالأصل القديم النابع من جزيرة العرب، الآن لنعرض المقطعين «بع» «وإيل» على معاجم وقواميس لغتنا العربية:
بعّ الرجل الماء بعا: أي صب الرجل الماء صبا، وبعّ السحاب المطر بعا: ألح بمطره أي صب السحاب المطر صبا، البعاع ثقلُ السحاب من الماء والبعاع شدة المطر وأخرجت الأرض بعاعها إذا انبتت انواع العشب أيام الربيع.
إيل: في اللغات السامية وفي اللغة العربية يعني اسم «الله» ويؤكد علماء الغرب في مؤلفاتهم عن حضارات الشرق القديم أن الإله «إيل» هو الرب الواحد ويسمونه «رب الأرباب» جاء مع الأعراق العربية القديمة المهاجرة من جزيرة العرب مما يؤكد أن ديانتهم توحيدية في بداياتها الأولى الموغلة بالقدم.
وقرأت لمستشرق غربي قوله ان «بعل» هو إله الحملان والنعاج «الحمل هو ولد النعجة» مفسرا ذلك بأن الشطر الأول من اسم بعل هو «بع بع» وهو صوت ثغاء النعجة وأولادها، فهو رب هذه الحيوانات الذي ينزل عليها المطر لينبت لها الكلأ «العشب والشجر».
بعل في معاجم وقواميس لغة العرب:
بعل: عند عرب الجاهلية هو صنم يعبدونه كأنه ربهم وفي التنزيل العزيز، قال رب العزة والجلال مخاطبا هؤلاء الذين يعبدون بعلا: {أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين}.
البعل: الزوج سمي زوج المرأة بعلا لأنه سيدها ومالكها، ويقال للرجل: هو بعل المرأة، وبعل الشيء: ربه ومالكه يقال: أنا بعل هذا الشيء أي ربه ومالكه، ويقال بعل أو استبعل الرجل أي تزوج، صار بعلا للمرأة التي بعلها أو استبعلها أي التي تزوجها، قال الشاعر الحطيئة أبومليكة جرول العبسي وقيل الذهلي «ت 59هـ):
وكم من حصان ذات بعل تركتها
إذا الليل أدجى، لم تجد من تباعله
أراد انه قتل زوجها أو أسره.
وتباعل القوم: اختلطوا وتزوج بعضهم إلى بعض، ويقول بدو اليوم: ابعل اللبن ماء أي اخلط اللبن ماء.
البعل من النخل: هو ما شرب بعروقه من الأرض من غير سقي أي هو ما سقته السماء، يقال: نخل بعلي أي يعتمد في سقيه على المطر.
وقيل: البعل كل شجر أو زرع لا يسقى، تعيش عروقها على الماء الذي تحت الأرض.
لاحظ عزيز القارئ أن كل هذه الكلمات التي لها علاقة بكلمة «بعل» والتي كانت مستخدمة عند العرب الأوائل هي ذاتها مازالت مستخدمة عند العرب الأواخر في زماننا الحاضر.
المعبود الأقدم عند عرب الجزيرة هو «الله» ويسمونه «إيل»
خلال قراآتي الكثيرة لكتب التاريخ والتراث وكتب الآثار واللغات القديمة والحضارات التي سادت ثم بادت، كل هذه الأمور وصلتنا مقروءة مفهومة وأعني بذلك اللغات والحضارات القديمة، بفضل علماء الغرب وجهودهم الكبيرة من أجل العلم وخدمة الإنسانية جمعاء. والحصيلة من كل قراآتي ودراساتي وبحوثي خلال 40 سنة من عمري استقر في ضميري وعقلي، ان سكان هذه الجزيرة المباركة يعبدون الرب الواحد في العهود السحيقة الموغلة في القدم وأعني بها الدورة الجليدية الرابعة، المسماة دورة جليد فربم «wurmcycle» والتي يسميها العرب في مورثاتهم ورواياتهم «عصر الفطحل» بكسر الفاء على وزن الهزبر- وهو عصر الأماطر والربيع الدائم والسيول العارمة والخصب والغابات الكثيفة والحيوانات المختلفة الالوان والاجناس وهذا العمر بسميه علماء الغرب المتخصصون في أمور الجيولوجيا والمناخ والتاريخ القديم بدورة جليد فرم wurm والتي بدأت من سنة 40000 قبل الميلاد وانتهت في سنة 18000 قبل الميلاد، وكانت جزيرة العرب خلال هذه الدورة المناخية قطعة خضراء تعيش بأجواء رطيبة وامطار غزيرة في كل فصول السنة، فعاش العرب الاقدمون في محبوحة هنيئة من العيش ينهلون من خيرات أرضهم الكثيرة بكل يسر وسهولة ويؤمنون بدين الفطرة السليمة المسلمة المؤمنة برب واحد يسمونه «إيل» أو «إيلا» والمقصود هو «الله» ويحتكمون في معاملاتهم وتصرفاتهم الى تعاليم ديانتهم التوحيدية والى أخلاقهم وأعراقهم السامية النبيلة.
ولكن في العصور اللاحقة من فجر التاريخ وبعد انتهاء الفترة السعيدة، تشوشت العقول وفسدت الضمائر وزاغت البصائر فانحرفت عن جادت الصواب وتاهت عن دين الفطرة واختلط الشرك والتخريف في معتقدات الناس، وسادت في المجتمعات الديانات الباطلة، فأرسل رب العزة والحلال الانبياء والرسل لتصحيح المسيرة البشرية الى ديانة التوحيد الخالص دين الفطرة السليمة.
في العصور الشركية بقي اسم «الله» عالقا في الذاكرة الجمعية للعرب
وفي العصور الجاهلية الشركية التي عاشها العرب سواء القديمة أو التي قبل الاسلام نجد ان اسم «الله» بقى عالقا في اذهانهم وذاكرتهم الجمعية فالاعراق العربية القديمة التي هاجرت الى بلدان الهلال الخصيب وبلاد ما بين النهرين ومصر وسواحل الخليج العربي وشمال افريقيا على الرغم من وثنيتهم وتعدد آلهتهم فهم يعرفون ان هناك ربا واحدا يرددون اسمه في مورثاتهم وأساطيرهم اسمه «إيل» أو «اللا» ويصفونه بأنه «رب الأرباب» أو «الاله العظيم» «Supreme god» وهو الحاكم المطلق وهو القادر على كل شيء وإرادته هي النافذة وهو سيد الآلهة وجميعها خاضع لأمره وحكمه ووجدنا اسم هذا الإله «ايل» مضافا الى اسماء بعض ملوكهم فأحد ملوك الآراميين اسمه «متى ايل» واحد ملوك الهكسوس اسمه «يعقوب ايل» ووجدنا ان اكثر ملوك معين وسبأ كانوا يضيفون اسم الاله «ايل» الى اسمائهم تبركا به ومن ملوك مملكة معين «1300 ق.م الى 950 ق.م» الملك «قه إيل» والملك «صدق ايل» والملك «صادق إيل»، ومعنى هذه الاسماء في لغتنا الحالية: «وقاه الله» و«صدقة الله» و«صادق الله». ومن ملوك مملكة سبأ «حكمها من سنة 950 ق.م الى سنة 115 ق.م» الملك «مكرب يدع إيل ضريح» والملك «مكرب يدع إيل بين» لقد جاء ذكر سبا في القرآن الكريم في سورة سبأ الآية15: «لقد كان لسبأ في مسكنهم اية جنتان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور».
ووجدنا ان العرب الذين بقوا في جزيرتهم ولما يغادروها أيضا دخلت عليهم الشركيات وعبادة الأوثان والأصنام، ولكنهم في قرارة أنفسهم يعرفون ان هناك ربا واحدا هو «الله» ولكن يعبدون هذه الآوثان والأصنام لتقربهم الى الله زلفى، ومن اسماء رجال الجاهلية القريبة العهد بالاسلام نجد: اسم «عبدالله» و«عبدالرحمن» و«عبيد الله» و«عبدالكريم» ونجد طائفة كبيرة من الاصناف الموحدين يعبدون الله الواحد الخالق رب العزة والجلالة وخالف هؤلاء العرب الأصناف جماعتهم ورفضوا ان يكونوا عبيدا للاصنام والآوثان وانما هم عبيد لله رب السماوات والارض وما بينهما وهو الخالق العظيم.

بقلم: أحمد محارب الظفيري
باحث في التاريخ والتراث
aaldhafiri@yahoo.com

الأحد، 8 أبريل 2012

«إنجيل برنابا».. عيسى عليه السلام يبشر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم

أخر تحديث 08/04/2012
عثر على نسخة نادرة منه في تركيا تم التكتم عليها 12 عاما
«إنجيل برنابا».. عيسى عليه السلام يبشر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم


نشرت وسائل الإعلام المقروة والمسموعة والمرئية في العالم في شهر مارس 2012م، خبر العثور في تركيا على نسخة نادرة من الإنجيل ومما جاء في هذا الخبر هو الآتي:«عثر في تركيا على نسخة نادرة من الانجيل مكتوبة باللغة الآراسية وتعود إلى ما قبل 1500 عام، تشير إل&<740; أن المسيح «عليه السلام» تنبأ بظهور النبي محمد «صلى الله عليه وسلم» من بعده ومازال هذا الحدث يشغل الفاتيكان فقد طالب البابا بنديكتوس السادس عشر معاينة الكتاب الذي بقي في الخفاء أكثر من 12 عاما وفقا لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية وقال وزير الثقافة والسياحة التركي ارطغول غوناي: «ان قيمة المخطوط تقدر بـ22 مليون دولار، حيث يحوي نبوءة المسيح بظهور النبي محمد، ولكن الكنيسة المسيحية عمدت إلى اخفائه طيلة السنوات الماضية لتشابهه الشديد مع ما جاء في القرآن الكريم بخصوص ذلك ويتوافق مضمون هذه النسخة من الانجيل مع العقيدة الاسلامية، حيث يصف المسيح بأنه بشر وليس إلها يعبد، فالاسلام يرفض الثالوث المقدس وصلب المسيح وان عيسى تنبأ بظهور النبي محمد من بعده» انتهى الاقتباس.

تعليق وتوضيح حول هذا الانجيل:

هذا الانجيل يسمى:«إنجيل برنابا» وموجود منه عدة نسخ في العالم مكتوبة بعدة لغات والنسخة التي عثر عليها في تركيا تكمن قيمتها في لغتها المكتوبة بها وهي «اللغة الارامية» والاراميون اصحاب اللغة الارامية أو «اللغة السريانية» التي اصبحت فيما بعد لغة رجال الدين «والسريان هم من الآراميين» والآراميون يتفرعون إلى فرعين هما «الكلدانيون» جماعة نبي الله إبراهيم و«العبرانيون» هم الذين آمنوا وتدينوا بديانة نبي الله إبراهيم التوحيدية وهاجروا معه إلى ديار كنعان في الشام وشمال الجزيرة العربية والآراميون هم من الاعراق العربية القديمة التي كانت تسكن جزيرة العرب في زمن دورة البرودة والامطار «من 40 ألف ق.م- 18 ألف ق.م وبعد انحسار فترة البرودة والامطار، وزحف فترة الحرارة والجفاف، على مناخ جزيرة العرب، تحول الآراميون تدريجيا إلى حياة البداوة والتجوال في بوادي جزيرة العرب وبعد مئات السنين من حالة البداوة والتنقل هاجروا إلى مناطق الهلال الخصيب وبلاد ما بين النهرين ومصر فتحضروا وكونوا لهم ممالك في تلك الديار التي هاجروا لها ويرجح البعض ان استقرارهم وتحضرهم تم في بداية الألف الثانية قبل الميلاد ويرجح البعض ان اسمهم جاء من «ارم» الذي هم اسم قبيلة «عاد الاولى» ويقول رب العزة والجلال في سورة الفجر الاية 7 و 8 عن عاصمتهم ارم التي سميت على اسمهم: «ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد».

«بر نابا» تلميذ المسيح وانجيله يتفق مع القرآن

هذا الانجيل ينسب إلى القديس المسمى «برنابا» وهو من الحواريين الاثني عشر، تلاميذ نبي الله عيسى المسيح عليه السلام وعلى نبينا محمد افضل الصلاة والسلام وهؤلاء الاثنا عشر تلميذا يسمون رسل «الواحد رسول» يسوع المسيح الذين يبشرون بدعوته والقديس أو الرسول «برنابا» عاش في القرن الأول للميلاد اي في زمان اليسوع نبي الله عيسى وكذلك اصحابه الاحدى عشر عاشوا في نفس التاريخ وانجيل «برنابا» يقول: ان نبي الله عيسى هو بشر وليس إله وفي هذا الانجيل يبشر عيسى الناس بظهور نبي بعده اسمه «احمد» وكرر هذه البشرى عدة مرات بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويذكر انجيل برنابا ان عيسى لم يقتل ولم يصلب وانما رفعه الله سبحانه وتعالى إلى السماء وانما الذي صلب هو رجل آخر شبيه بعيسى اسمه «يهودا» وهو من تلاميذ عيسى وهو متشبه بعيسى وخائن له فأوقعه الله في شر اعماله وخيانته فمسكوه وهم يظنون انه عيسى فقتلوه وصلبوه، ويسمى هذا الرجل المصلوب «يهودا» وبعضهم يسميه «يهودا الأسخريوطي» وينسبون له خيانة نبي الله عيسى وجاء في «انجيل برنابا» ان النبي عيسى اليسوع لما رأى ان الذين آمنوا بدعوته تكاثرت اعدادهم صعد إلى الجبل وبقي فوق هذا الجبل طوال الليل يصلي ويطلب من ربه النصر وتثبيت الأيمان في قلبه ليستمر في دعوة التوحيد وعبادة الرب الواحد الذي لا إله غيره ولما طلع النهار نزل عيسى من الجبل إلى اصحابه، واختار اثني عشر رجلا من اصحابه سماهم رسلا وهم: «اندرواس وبطرس وبرنابا «صاحب الأنجيل الذي نتكلم عنه» ويعقوب وتدواس ويهودا وبرتولو مارسي وفيليبس ومتى ويوحنا ويعقوب «ابناء زبدي» ويهودا الاسخريوطي الخائن» عزيزي القارئي لاتنس ان نبي الله عيسى عليه السلام وعلى نبينا محمد افضل الصلاة والسلام وكل الانبياء وشعوبهم هم من الاعراق العربية القديمة المهاجرة من جزيرة العرب واسماؤهم هي اسماء عربية قديمة وصلتنا بدون حركات اعراب وتنطق بعدة صيغ ونبرات صوتية مختلفة بعض الشيء عن لغتنا العربية الحالية التي هي الوريث الشرعي لتلك اللغات السامية القديمة والجميع من عائلة لغوية واحدة family languages وانجيل «برنابا» هو الانجيل الذي كانت تتعبد به شعوب الشرق القديمة التي اصطلحوا على تسميتها بـ«الشعوب السامية» نسبة إلى سام بن نوح وذكر الاخباريون العرب في كتاباتهم ومروياتهم بأن العرب هم ابناء «يعرب بن قحطان» وهو من ذرية سام بن نوح ويعرب هو الجد الجامع لكل قبائل العرب الشماليين «العدنانيين» والجنوبيين «القحطانيين» والجزيرة منذ فجر التاريخ اسمها «جزيرة العرب».

تعاليم القديس بر نابا سادت في القرون الأولى

في القرون الأولى للمسيحية وخاصة القرن الأول والثاني للميلاد كان الناس معظمهم يتعبد الله بإنجيل القديس رسول المسيح «برنابا» وكان هذا الانجيل هو الشايع والذايع عند الاعراق العربية القديمة المسماة عند مؤرخي الغرب بـ« الشعوب السامية» وكانت نسخ «انجيل برنابا» كثيرة ومتداولة عند الناس وفي دور العبادة. وايضا كان هناك العديد من الاناجيل والرسائل المؤيدة لبرنابا وبعضها يختلف مع «برنابا» حيث يعتبر المسيح عيسى ابن الله ويؤمن بنظرية الثالوث المقدس ومن هؤلاء «بولس» وهو قديس ورسول من رسل المسيح عيسى. و«برنابا» في انجيله رد على زميله «بولس» بالأسى والألم، يقول برنابا عن الذين ضلوا وخالفوا تعاليم المسيح ومن ضمنهم الرسول بولس يقول: «بتعليم شديد الكفر، داعين ان المسيح ابن الله، رافضين الختان الذي أمر به الله دائما، مجوزين كل لحم نجس، والذين ضل في عدادهم ايضا بولس الذي لا اتكلم عنه إلا مع الأسى، وهو السبب الذي لأجله اسطر الحق الذي رأيته وسمعته اثناء معاشرتي ليسوع لكي تخلصوا ولا يضلكم الشيطان فتهلكوا في دينونة الله، وعليه فاحذروا كل احد بتعليم جديد مضاد لما اكتبه لتخلصوا خلاصا ابديا» وانتشر انجيل برنابا عند شعوب الشرق في ذلك الزمان، وللمزيد راجع: انجيل برنابا- ترجمة خليل سعادة المكتبة التوفيقية القاهرة.

البطريرك اريوس يعارض الكنيسة الرومانية

وبعد ظهور الامبراطورية الرومانية القيصرية واحتلالها لبلدان الشعوب الشرقية «السامية» مثل مصر والشام وغيرها، دخل الرومان وقيصر ملك الامبراطورية في الديانة النصرانية، واصبحت المسيحية هي الديانة الرسمية للدولة الرومانية والرومان واليونان هم اهل حضارة فلسفية قبل ان يدخلوا بالنصرانية، وكان عندهم كثير من الفلاسفة مثل افلاطون وارسطو وسقراط وغيرهم وكان هؤلاء الفلاسفة يتأولون ويفلسفون امور الحياة والعبادة بتحليلات وتسطيرات ولا يؤمنون بالإلة الواحد وانما بعدة آلهة تتحكم بالكون، ونتيجة لنزوعهم الى تعدد الآلهة حسب الفلسفة اليونانية الافلاطونية، مالوا الى التعاليم المسيحية التي ينادي بها بولس وبطرس والتي تؤمن بالثالوث المقدس «الابن والاب وروح القدس» فعيسى هو ابن الله، وهذا هو ما نراه اليوم في المسيحية الاوروبية والكنيسة الاوروبية الغربية.
وحتى بعد سيطرة الرومان على بلدان الشرق بقي الكثير من الشعوب الشرقية في مصر والشام والعراق وشمال افريقيا تؤمن بتعاليم «انجيل برنابا» وتجنح الى توحيد الذات الالهية وتعتبر ان نبي الله عيسى بشر ولكنه من افضل البشر، ولاحظنا ان بعض اسماء الرومان يميلون الى هذا الرأي ويصدحون به، فهذا بطريرك الاسكندرية «اريوس» المولود سنة 250م وقيل 256 في ليبيا والمتوفي سنة 336م وقيل سنة 325م بالقسطنطينية طرح رأيا ضد رأي الكنيسة الرومانية الغربية ودعا الى التوحيد الخالص، وانكر ما جاء في الاناجيل حول الوهية المسيح، وانتشرت تعاليم اريوس وكثرت الكنائس التي امنت بدعوته بأن المسيح بشر وليس إله وكان البطريك «اريوس» المتوفي سنة 325 أو 336م يصرح برأيه مخاطبا اتباعه قائلا: «ان الله لا يلد ولا يولد وان المسيح ليس ابنا للإلة وانه بشر ولكنه اكمل البشر» وطرد البطريك اريوس من كنيسة الاسكندرية فذهب الى كنيسة فلسطين، وكان اساقفة فلسطين واسقف كنيسة اسيوط اسقف مقدونية واسقف نيقومدية يدينون بما يدين به اريوس، وله اتباع كثر من عامة الناس في مصر والشام.

الامبراطور الروماني يحاكم اريوس ويفرض عقيدة الثالوث

ولما تفاقم الخلاف بين البطريرك «اريوس» واساقفة الكنائس الرومانية التي تنادي بألوهية المسيح وتؤمن بالثالوث المقدس وهذا هو ما يؤمن به رأس الدولة الرومانية القيصر «الملك» الامبراطور قسطنطين الاول، عندئذ ارسل الامبراطور قسطنطين الاول كتابا الى البطريرك «الاسقف» اريوس يطلب منه الحضور ال&<740; القسطنطينية، ولما وصل اريوس امر الامبراطور قسطنطين الاول بعقد مجمع كنسي لبحث المواضيع العقائدية وحضر هذا المجمع ألفان وثمانية واربعون اسقفا من مذاهب المسيحية المتعددة وكان النقاش يدور حول السيد المسيح وأمه السيدة مريم وجلس في وسط هذا المجمع الامبراطور قسطنطين الاول وكان النقاش يدور حول رأي الرسول «بولس» من تلاميذ المسيح- الذي يقول: ان المسيح إله «وقد مر بنا سابقا ان تلميذ المسيح الرسول برنابا يخالفه».
وانتهى المجمع الكنسي الى تبني رأي الرسول بولس والى فرض الاعتقاد بألوهية المسيح، وامر الامبراطور باحراق الكتب التي تخالف هذا الرأي وتحريم قراءتها، وحكم على البطريرك «اريوس» بالهرطقة ونفي ومات بالمنفى في القسطنطينية «عاصمة الدولة الرومانية وحاضرة المسيحية الاوروبية».
ويذكر لنا التاريخ ان الكثير من المجمع الكنسي يؤيد اعتقاد أريوس وبرفض ألوهية المسيح، ولكن الأقلية التي تنادي بألوهية المسيح هي التي يقف معها ويؤيدها الامبراطور قسطنطين الاول وبالتالي فرض اعتقادها بقوة السيف، والتزمت الدولة برأي الرسول «بطرس» الذي يعتبر المسيح الها وليس بشرا فهو ابن الله ، ورفضت الدولة الرومانية ما ينادي به الاسقف «أريوس» وهو ان المسيح بشر ولكنه افضل البشر وهذا الرأي استمده أريوس من «انجيل برنابا» وبرنابا هو ايضا رسول من رسل المسيح عيسى بن مريم- عليه السلام- ومن تلاميذه الذين تتلمذوا على يديه وسجلوا تعاليمه وتوصياته وكان قريبا من استاذه المسيح حتى آخر حياته.

النصرانية عربية شرقية وليست رومانية أوروبية

الديانة المسيحية نزلت على العرب وفي أرض العرب، والعرب القدماء الذين يدينون بالنصرانية «المسيحية» فنصرانيتهم هي النصرانية الشرقية أو ما تسمى بالنصرانية السامية ويقال لمعتنقيها بـ«النصارى الأريوسيين» نسبة إلى البطريرك أريوس المتبع إلى إنجيل برنابا، وهم يعترفون بأن نبي الله عيسى المسيح- عليه السلام- بشر ولا يؤمنون بألوهيته ولا بفكرة الثالوث المقدس «الإبن والأب والروح القدس» التي يؤمن بها نصاري الرومان، العرب المسيحيون «النصارى» يؤمنون بأن نبي الله عيسى «ناسوت» وليس «لاهوت» فهو إنسان بعثه الله تعالى لهداية البشرية، ولا ننسى أن الديانة المسيحية ظهرت في أرض العرب، وكذلك اليهودية ظهرت في أرض العرب، وكلتا الديانتين تدعوان لعبادة الرب الواحد الأحد الذي لا شريك له إطلاقا، والأقوام التي نزلت عليهم اليهودية والنصرانية هم وأنبياؤهم من الأعراق العربية القديمة «السامية».
أما صفة الإله «الرب» التي أضافها الرومان إلى عيسى فجاءت بسب تأثرهم بالفلسفة اليونانية والرمانية التي نشأوا وتربوا عليها، فالمسيحية نشأت وولدت بالقدس وبلاد العرب، ولم تولد في روما أو أوروبا، ومن بلاد العرب انتشرت المسيحية وقبلها اليهودية، وختم رب العزة والجلال الديانات بدين التوحيد الخالص وهو دين الرسلام العظيم الذي انقذ العباد من ظلم العباد ودعاهم لعبادة رب العباد وأخرج البشر من ضيق وضنك الدنيا إلى وساعة وفساحة الدنيا والآخرة، وكانت تعاليم رسول الإسلام أن لا يتعرض المسلمون العرب بأي سوء لأهل الذمة من أهل الديانات ومن يقرأ وصايا الخلفاء الراشدين لجيوشهم العربية الإسلامية يتأكد له هذا الأمر.

«الأريسيين» كلمة جاءت في رسالة النبي إلى هرقل

قبل ان نتكلم عن رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلى امبراطور الروم هرقل التي يدعوه فيها إلى الدخول في الإسلام دين الله الوحد، نقول: على الرغم من قوة الدولة الرمانية وأنصارها بقيت اراء وتعاليم «اريوس» قوية ومنتشرة وازداد أنصاره والدعاة إلى مذهبه، والسواد الأعظم من نصارى الشرق في العراق والشام ومصر وشمال افريقيا وبعض القبائل العربية، الجميع يتعبد النصرانية «المسيحية» على مذهب «اريوس» ولهم اساقفهم وقساوستهم الذين يديرون كنائسهم وأديرتهم النصرانية، وهؤلاء جميعهم يؤمنون بأن المسيح بشر، وأمه مريم امرأة ويرفضون الثالوث المقدس، ويعتقدون بأن نبي الله عيسى تنبأ وذكر ظهور نبي بعده اسمه «محمد» ويظهر في مكة المكرمة في بلاد العرب وهذا النبي هو من ذرية إبراهيم الخليل «أبو الأنبياء» هذا هو معتقد نصارى الشرق «الأعراق العربية القديمة» عندما جاء الإسلام العظيم، ويطلق عليهم مصطلح «الأريسيين» وضعنا حركات الإعراب لتوضيح النطق الصحيح- وهذه الكلمة تذكرنا بـ«اريوس» الذي يدين بمذهبه عموم نصارى الشرق آنذاك، وينطق عرب الجزيرة في ذلك الزمان وحتى زماننا الحالي «اريس» ويجمع على «اريسيون»، والبطريرك «اريوس» وأتباعه يدينون بالتوحيد الخالص كما جاء به الإسلام في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الكريمة التي تأمر بعبادة الإله الواحد رب العزة والجلال.
والآن إليكم رسالة نبي الرحمة محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمي صلى الله عليه وسلم إلى امبراطور الرومانية الملك «هرقل» يدعوه إلى دين الحق، دين التوحيد الخالص، دين الإسلام العظيم:
وهذا هو نص الرسالة: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبدالله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الآريسيين، {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} (آل عمران:64)، انتهت الرسالة.
في غرة المحرم سنة 7هـ/629م أمر رسولنا العربي الأمي المسلم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم القرشي صلى الله عليه وسلم الصحابي دحيه بن خليفة الكلبي «نسبة إلى قبيلة كلب العربية» بحمل رسالته والتوجه إلى الشام لتسليمها إلى ملك الروم هرقل «هيركيوليس»، ويذكر المؤرخون من عرب وروم أن هرقل تسلم هذه الرسالة الكريمة الجليلة من دحية بن خليفة الكلبي بكل احترام وتقدير، ويذكر المؤرخون الرومان والعرب في ذلك الزمان أن هرقل رد على هذه الرسالة ردا حسنا وتقبلها بكل إيجابية وصدر رحب، وأمر هرقل ترجمانه الخاص أن يترجم الرسالة ويشرح له كلماتها، وقرأها المترجم للملك هرقل عدة مرات.
نلاحظ أيها الأخوة أن كلمة «الأريسيين» جاءت في سياق هذه الرسالة الكريمة وهي تعني السواد الأعظم والعامة من الشعوب التي تسكن الشام ومصر وشمال أفريقيا والعراق «الأعراق العربية القديمة» وبعض قبائل العرب في الجزيرة فكل هؤلاء النصارى من أتباع «أريوس» ويدينون بالتوحيد الخالص الذي يدعو له الإسلام ولا يؤمنون بالثالوث المقدس، فالمسيح عيسى عندهم بشر وليس إله.
يقول رب العزة والجلال في أول سورة آل عمران: {نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس}.
يقول الدكتور غوستاف لوبون في الصفحة 158 في كتابه «حضارة العرب» ما نصه: «وللإسلام وحدة كل الفخار بأنه أول دين أدخل إلى العالم التوحيد المحض.. ويستطرد قائلا: وتشتق سهولة الإسلام العظيمة من التوحيد المحض، وفي هذه السهولة سر قوة الإسلام»، نعم سر عظمة الإسلام التوحيد الخالص لقد أنقذ وحرر البشر من عبادة الإنسان والأوثان والأصنام والحيوان والقبور والكهنة إلى عبادة الرب الخالق الواحد الأحد.

بقلم احمد بن محارب الظفيري
باحث في التاريخ والتراث
aaldahfiri@yahoo.com


الاثنين، 2 أبريل 2012

محمد الفاتح .. على يديه تحققت بشارة الرسول وفُتحت القسطنطينية


محمد الفاتح .. على يديه تحققت بشارة الرسول وفُتحت القسطنطينية




مادة شيقة يقدمها الباحث في التاريخ والتراث أحمد بن محارب الظفيري في هذه الحلقة عن السلطان محمد الثاني فاتح مدينة القسطنطينية حيث يسلط الضوء على المعركة العظيمة التي شهدت تحقق بشارة الرسول الكريم على يد ذلك السلطان المنصور بسقوط القسطنطينية والتحاقها بأراضي المسلمين.

ويتحدث الظفيري عن مولد ونشأة محمد الفاتح وكيف رباه ابوه السلطان مراد الثاني على الإسلام وحب التعلم والقراءة وترجمة الكتب والاطلاع على اللغات، وكذلك كان يأخذه معه الى المعارك حتى اصبح فارسا عظيما.
السلطان محمد فتح القسطنطينية وعمره 23 عاما وفيما يلي تفاصيل مهمته عن تلك المعركة العظيمة وشخصية هذا القائد الفذ، فإلى التفاصيل:
ولد السلطان محمد الثاني «الفاتح» في مدينة أدرنه في سنة 836هـ/ ليلة الثلاثين من مارس سنة 1432، ووالده هو السلطان مراد الثاني «ت 863هـ/1451م» من اعاظم سلاطين بني عثمان، ووالدته هي السلطانة المسلمة خديجة عليمة ابنة الأمير المسلم اسفنديار بيك. والسلطان محمد الثاني هو سابع السلاطين العثمانيين الذين حكموا الدولة العثمانية.
وترتيب نسبه كالآتي، هو السلطان محمد الثاني بن مراد الثاني بن محمد الأول بن بايزيد بن مراد الأول العثماني.

كيفية تربيته وتنشئته:

هتم والده بتربيته وتنشئته وفق تعاليم الإسلام وشريعته الغراء وعهد بتربيته وتعليمه الى مجموعة منتخبة من العلماء الكبار العاملين في مدرسة أبناء السلاطين،
يرأسهم شيخ الإسلام الكبير شهاب الدين احمد بن اسماعيل بن عثمان الكوراني الحنفي «ت 894 هـ» وعلى يدي هذا الشيخ المسلم الكبير ختم محمد الثاني القرآن الكريم، وبلغ من شدة تأثره بشيخه ومعلمه احمد الكوراني، انه عندما تسلم حكم الامبراطورية العثمانية اسند مهمة القضاء اليه، اعترافا بعلمه وبفضله ومكانته الكبيرة.
وكان السلطان محمد الثاني ملتزما غاية الالتزام بأوامر الشرع ونواهيه فكان يتجنب ويبتعد عن كل المأكولات والمشروبات المحرمة اسلاميا، ويتصف مجلسه ومائدة طعامه بالبساطة والتواضع.
وكان يملك مكتبة عامرة بكتب الدين والتاريخ والأدب العربي الإسلامي، وكتب تاريخ السلاطين والملوك والقادة العظام عبر مختلف العصور. وكان كثير المجالسة والمناقشة مع العلماء المسلمين، يزورهم في مجالسهم وفي حلقات دروسهم، فظهر ذلك جليا واضحا في كل تصرفاته وفي اخلاقه ومميزاته الشخصية التي تعطرت وسمت فترفعت عن الدنايا بفعل شريعة الاسلام التي التزم فيها قولا وعملا.
وكان السلطان محمد الثاني يجيد عدة لغات كتابة وقراءة وحديثا منها اللغة العربية والفارسية واليونانية والصربية والسلافية اضافة الى لغته التركية. يقول عنه الرحالة الايطالي لنجستو:
«السلطان العثماني محمد الثاني شاب في السادسة والعشرين من العمر. ان هذا الرجل هو الذي علينا معشر المسيحيين ان نواجهه، انه شديد المراقبة والحذر، قادر على تحمل المشقة والبرد والحرارة والعطش والجوع». وفعلا كان السلطان محمد الثاني قادرا على تحمل المشاق والصعوبات لأنه تمرس عليها ايام الصبا والشباب.
حيث كان والده السلطان مراد الثاني دائم التعليم له على فنون الفروسية من ركوب الخيل والمبارزة والضرب والطعن بالسيف والرمح والقوس والنشاب، وكان في اكثر الاحيان يأخذه والده معه في غزواته ومعاركه ليزداد خبرة ومراسا على الشجاعة وقيادة الجيوش ومناظرة الفرسان في ميادين المعارك والقتال.

فتح بلدان أوروبا

عندما تسلم السلطان العثماني محمد الثاني«ت1481م» حكم الإمبراطورية العثمانية خلفا لابيه السلطان مراد الثاني«ت1451م» كانت اراضي دولته قد توسعت في أوروبا كثيرا، حيث اصبحت اراضيها تشمل جزيرة الموره «اليونان» ومقدونيا وبلغايا وسواحل البحر الأسود الشرقية حتى مهب نهر الفولجا، وشبه جزيرة القرم، وتمتد غربا حتى سهل المجر وأصبحت اراضيها في أوروبا أكثر من اراضيها في آسيا الصغرى وبذلك تحولت الدولة العثمانية إلى دولة أوروبية.
وكانت مدينة القسطنطينية الشهيرة«عاصمة أوروبا النصرانية» بموقعها الاستراتيجي  المحصن تقف شامخة بأسوارها الحصينة العملاقة، فاصلة أملاك الدولة العثمانية في آسيا الصغرى عن املاكها الكثيرة في أوروبا، لذلك قرر السلطان العثماني المسلم محمد الثاني بعد ان تسلم الحكم ان يتدبر الأمر مع قادة جيوشه وعلماء دولته من أجل الاعداد والتجهيز للأسباب الموجبة للنصر ليتحقق على يديه فتح هذه المدينة الكبيرة ذات التاريخ النصراني العريق.
والسلطان محمد الثاني يعلم حق العلم ويعرف جيدا ان هناك وعدا مؤكدا من النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- ان هذه المدينة ستفتح على يد أحد امراء المسلمين،
ولكنها استعصت على الفتح أمام كل الحملات الاسلامية التي حاولت فتحها منذ عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان.
ومرورا بكل العهود العربية الاسلامية المتلاحقة، هذه المدينة التي استشهد تحت اسوارها الحصينة اعداد من شهداء المسلمين على رأسهم شيخ الشهداء أبو ايوب الانصاري صاحب رسول الله محمد بن عبدالله- صلى الله عليه وسلم-
وكانت الأمنية بفتح هذه المدينة قائمة وشاخصة باستمرار في ضمائر وعقول المسلمين وعلمائهم الاعلام على مر العصور وتعاقب الأيام والدهور.
لأن رسولهم الأمين الصادق بشر اجدادهم المسلمين الأوائل أيام ضعفهم اثناء غزوة الخندق وهم انذاك في المدينة قائلا لهم:«لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش» «راجع مسند الامام أحمد بن حنبل».
ومن المؤكد المجزوم ان هذا الحديث النبوي الشريف يتردد في عقل وضمير السلطان محمد الثاني، لذلك وجدناه دائما يتوسل إلى ربه في سره وعلنه قائلا: يارب حقق بشرى رسولنا الكريم بفتح القسطنطينية على يدي لاتشرف أنا وجيشي بهذا«النعم» النبوي الشريف.

فتح القسطنطينية:

بعد حوالي ثلاث سنوات من تولي محمد الثاني «الفاتح» حكم الدولة العثمانية، أي في ربيع الأول من عام 857هـ / 1453م بدأ الزحف الكبير نحو مدينة القسطنطينية ومحاصرتها وتم تزويد الجيش العثماني باعداد كبيرة من الأطواب «المدافع» الضخمة، وتم كذلك تزويد القوة البحرية العثمانية باعداد كبيرة من السفن البحرية بحيث اصبحت سفن ومعدات الاسطول البحري العثماني متمكنة وقادرة بكل جدارة وفاعلية على اغلاق خليج القسطنطينية، ومحاصرة الجانب الأوروبي من خليج البسفور، وكانت الامدادات والتموينات بالاسلحة والطعام والدواء والملابس والتجهيزات العسكرية تتدفق على الجيش العثماني باستمرار، وكان هناك خط ثان وثالث من الرجال العسكر المتدربين على مختلف صنوف الأسلحة اضافة الى طواقم الاطباء والمسعفين المتخصصين، وتوجه كل هذه الأمور العسكرية معنويا باعداد كبيرة من رجال الدين الاسلامي على اختلاف مناصبهم ودرجاتهم العلمية، وكان السلطان محمد يقف بنفسه كالطود الشامخ امام هذه الجيوش قائدا وموجها يرافقه هيئة أركانه وكبار علماء الدولة المسلمين، وكانت الأوامر الصادرة منه الاستمرار بقراءة آيات الجهاد والنصر والاحاديث النبوية الشريفة بين صفوف الجند لتحثهم على الثبات والشجاعة والاستشهاد في سبيل الإسلام وإعلاء كلمة الله وتطبيق شرعه الحنيف في هذه الديار.
وبعد ان تم ضرب اسوار المدينة بالمدافع الضخمة، تمت المباشرة بعمل قلاع عملاقة من الخشب المغطى بالجلود السميكة، وكانت هذه القلاع تتكون من ثلاثة طوابق ارتفاعها أعلي من ارتفاع اسوار المدينة وتقدمت هذه القلاع الخشبية في صباح يوم 21 مايو 1453م وهي محملة بالجنود والأسلحة في طوابقها الثلاث، ولاصقت اسوار القسطنطينية وباشر الجنود من داخل هذه القلاع رمي المدينة بالقذائف والنيران، ثم حاولوا الصعود على الاسوار بالكلاليب والحبال والأخشاب، ولكن مقاومة البيزنطيين «الرومان» ازدادت عنفا وضراوة، فاحترقت القلاع من كثرة ما القي عليها من النيران، فتركها الجنود وتراجعوا الى الوراء بعد ان فقدوا الكثير من الشهداء، ونتيجة للحصار الطويل تهدمت وانثلمث اجزاء كبيرة من اسوار المدينة وابراجها وكثر قتلى البيزنطيين داخل المدينة، فأراد السلطان محمد الثاني «الفاتح» ان يحقن الدماء فارسل رسولا من عنده يدعى «حمزة اسفنديار اوغلو» الى الامبراطور البيزنطي «الروماني» قسطنطين التاسع امبراطور القسطنطينية، وكانت بين الامبراطور والرسول حمزة اسفنديار اوغلو معرفة جيدة وصداقة متينة، ووصل الرسول حمزة الى الامبراطور قسطنطين وعرض عليه مطالب وشروط السلطان محمد الثاني، التي من اهمها تسليم المدينة وخروجه منها بأمان هو وأسرته ومن يرافقه من أهالي المدينة ويتعهد السلطان بأمن وسلام أهل المدينة ويحافظ على أرواحهم وأموالهم وممتلكاتهم ويضمن لهم حتى إقامة شعائرهم الدينية.
ولكن الامبراطور الروماني ورجال حاشيته رفضوا تسليم المدينة وأصروا على مواصلة الحرب، عندئذ قال السلطان المسلم محمد الثاني كلمته المشهورة: «حسنا عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر».

النصر المؤزر

وفي أواخر الحصار ومع اقتراب موعد الحسم، سرت إشاعة بين صفوف الجيش العثماني لمساعدة الرومان المحاصرين في القسطنطينية، فرفعت هذه الإشاعة معنويات المسلمين الذين يحاصرون المدينة، وقبل بدء الهجوم طلب السلطان محمد الثاني من جميع أفراد جيشه صيام يوم الأحد والاثنين 27 و28 مايو 1453 تطهيرا لنفوسهم وتقوية لعزائمهم.
وطول فترة الحصار كان المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يتضرعون إلى الله جلت قدرته أن يشد من أزر السلطان محمد الثاني وجيشه وأن يهبهم النصر المبين على أعدائهم. وفي ليلة الثلاثاء 29 /5 /1453 هطلت الأمطار على المدينة فتفاءل المسلمون خيرا بهذه الأمطار فارتفعت معنوياتهم، لأنها ذكرتهم بأمطار ليلة معركة بدر الكبرى أيام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأخذ علماء الجيش العثماني يزفون البشرى بالنصر إلى الجنود المتوثبين للهجوم الكبير.
وفي صباح يوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى عام 857 هـ الموافق 29 /5 /1453م تقرر بدء الاقتحام والهجوم الكبير من البر والبحر، وسبقته قراءة آيات من الذكر الحكيم لزرع الراحة والاطمئنان في نفوس الجنود وضباطهم وقادتهم، ومع بداية الخيط الأول من الضياء اندفع الجنود العثمانيون كالسيل الجارف مقتحمين أسوار القسطنطينية وهم يصيحون بصوت واحد «الله أكبر.. الله أكبر» فتسلقوا الأسوار تحت غطاء وابل من نيران المدفعية، ويذكر التاريخ أن معاركا عنيفة دارت داخل أسوار المدنية، وفي ساحات المدينة وشوارعها دافع الرومان عن مدينتهم دفاعا مستميتا وكانت مقاومتهم تزداد ضراوة وشراسة، ولكن النصر من عند الله يؤتيه من يشاء وهو القائل سبحانه وتعالى في محكم كتابه المبين: {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}. ولم تمض ساعات النهار الأولى من يوم الثلاثاء 29 /5 /1453 إلا والأعلام العثمانية ترفرف في سماء القسطنطينية، وخلال المعارك الطاحنة قتل قائد الجيش الروماني جوستنيان وقتل كذلك الامبراطور الروماني قسطنطين التاسع حاكم المدينة، وهكذا بعد حصار دام 51 يوما انبلج غبار المعركة عن نصر مؤزر للقوات المسلمة العثمانية، وسقطت المدينة التي استعصت على المسلمين الأوائل على يد البطل المسلم الشاب العثماني محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول بن بايزيد بن مراد الأول، وكان عمر محمد الفاتح آنذاك ثلاثا وعشرين سنة وبذلك.تحققت أمنيته الذهبية التي طالما حلم بتحقيقها وهي فتح مدينة القسطنطينية ليحقق بذلك بشرى الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم- فنال بهذا الفتح المبين هو وجيشه الاجر والغنيمة والفأل الحسن وسعد السعود.
وبعد ان تحقق الفتح والنصر المؤزر تقدم المهنئون إلى سلطانهم الشاب محمد الفاتح «أطلق عليه الفاتح بعد ان تم على يديه فتح القسطنطينية» لتهنئته بالنصر والفتح المبين، فقال لهم بكل تواضع «حمدا لله ليرحم الله الشهداء ويمنح المجاهدين الشرف والمجد، ولشعبي الفخر والشكر».
وفي ظهر اليوم الرابع دخل السلطان محمد الفاتح مدينة القسطنطينية على ظهر جواده يتبعه وزراء دولته وعلماء الاسلام وقادته وجنوده الشجعان، ولما وصل إلى منتصف المدينة، توسط السلطان هذه الجموع المحيطة به وخطب فيهم بلغة عربية فصيحة خطبة موجزة هنأهم فيها بالنصر والفتح المبين واوصاهم بطاعة الله والتواضع وعدم الغرور ومعاملة سكان المدينة بالحسنى والمعروف، وقرأ عليهم بصوته المتهدج فرحا بالنصر بشارة الرسول محمد بن عبدالله- صلى الله عليه وسلم- :«لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش» فانهمرت دموع المسلمين فرحا وشكرا لرب العزة والجلال وسار السلطان بموكبه حتى وصل إلى أكبر كنائيس القسطنطينية وهي كنيسة اياصوفيا وترجل امام الكنيسة التاريخية وانحنى واخذ حفنة من تراب الأرض وبثها فوق رأسه خضوعا وتواضعا وشكرا لله تعالى ودخل الكنيسة وأحسن استقبال رجالها وأمنهم على حياتهم واموالهم ودينهم، ثم طلب السلطان محمد الفاتح من احد المؤذنين المسلمين ان يؤذن للصلاة ايذانا بتحول هذه الكنيسة إلى مسجد جامع عرف فيما بعد باسم «جامع آيا صوفيا» وأمر السلطان بتنظيف الجامع من التصاوير والتماثيل والأوثان النصرانية التي كانت موجودة داخله.
وأعلن السلطان محمد الفاتح بأنه لايعارض في إقامة شعائر ديانة المسيحيين وسلك معهم سياسة التسامح والرأفة وحسن المعاملة، وأعطاهم نصف كنائس المدينة وجعل النصف الآخر جوامع للمسلمين، وأمر ببناء مسجد كبير في قلب المدينة اطلق عليه اسم «جامع السلطان محمد الفاتح» وغير اسم مدينة القسطنطينية إلى اسم «اسلام بول» وهي كلمة تركية تعني بالعربي «عاصمة الاسلام» أو «دار الاسلام» ولكن ونتيجة للنطق التركي العامي غير الفصيح تحولت من كلمة «اسلام بول» إلى كلمة «رستانبول أو اسطنبول» وأقام السلطان محمد الفاتح مدرسة كبيرة ملحقة بجامع آيا صوفيا يدرس فيها العلوم الدينية الاسلامية وبقية العلوم الانسانية والعلوم المادية التجريبية كالطب والهندسة والكيمياء والفيزياء وبنى في مدينة اسلام بول مدينة جامعية ذات ثمانية رواقات وأفنيه تسمى «مدرسة صحن ثمان» يدرس فيها كافة العلوم ودرجتها العلمية عالية جدا وكان السلطان محمد الفاتح يتفقد هذه المدارس بنفسه وله غرفة مخصصة في كل مدرسة يجلس فيها ويجتمع عنده علماء المدرسة ومدرسيها.
وكان يغدق العطايا والاكراميات الكثيرة على العلماء والمدرسين، وكان اللباس المفضل للسلطان محمد الفاتح هو لباس علماء الدين المسلمين.
وعاجلت المنية السلطان محمد الفاتح وهو وسط جيشه في ليلة الجمعة 25 ربيع الاول 886 هـ الموافق 3 مايو 1481م عن عمر يناهز الحادية والخمسين، بعد حكم دام احدى وثلاثين سنة، ولما حضرته الوفاة كان يقود جيشه متوجها لقتال ايطاليا وفتح مدينة «روما» مقر البابويه والعاصمة الثانية بعد القسطنطينية للنصرانية، ولما وصل خبر وفاته الى اوروبا النصرانية احتفلت مدنها وقراها احتفالات متواصلة لمدة ثلاثة ايام اقاموا القداسات والصلوات في كنائسهم وبيوتهم فرحا بموت هذا السلطان المسلم محمد الفاتح ، فاتح القسطنطينية العاصمة الاولى للنصرانية عبر التاريخ.

بقلم: أحمد بن محارب الظفيري
باحث في التاريخ والتراث
«aaldhafiri@yahoo.com»

الأحد، 4 مارس 2012

حلقة اليوم

تحدث اليوم العم بو خالد عن الوحدة والاتحاد الخليجي لدول الخليج وعن أهمية هذا الاتحاد وايجابياته فذكر بأنه تعز من الكلمة ومواقفنا وهيبتنا وفق الله حكام الخليج لما يحب ويرضى

الأربعاء، 29 فبراير 2012

نلقاكم

نلقاكم ان شاء الله يوم الاحد القادم وحلقة جديدة من البرنامج الاذاعي واحة المستمعين من اذاعة دولة الكويت - البرنامج الثاني FM 97.5


إعداد وتقديم : أحمد محارب الظفيري ورضوان مقامس ويوسف السريع 
إخراج : معاذ السريع 
تنفيذ : وليد بوهادي
هندسة : استبرق دشتي
متابعة وتنسيق : فهد السبيعي


وكل الشكر لحسن متابعتكم 




مسؤول الصفحة 
أحمد السعيدي

الاثنين، 27 فبراير 2012

فلسفة العرب في اختيار الأسماء لها أصول


نشرت في 
أخر تحديث 17/02/2012
فلسفة العرب في اختيار الأسماء لها أصول
أسماء وصفات الفتيات عند عربان الجزيرة جاءت من الظباء


العرب أصحاب فلسفة ذات أصول وقواعد في اختيار الأسماء خصوصا أسماء وصفات الفتيات فعندهم أسماء شائعة الصيت للفتيات ويحفل التراث العربي بكثير من أسماء الفتيات كلها جاءت من الظباء حيث المواصفات شديدة التفرد كقوة الجسم ورشاقة الحركة والذكاء وشدة الملاحظة.. وطبعا قبل هذا كله الجمال.

وهناك أسماء بعينها كانت تستخدم قديما عند العرب في الحواضر والبوادي ومازالت تستخدم في عصرنا الحالي مثل «العنود» التي تعني عند عربان الجزيرة قائدة سرب الظباء وفي اللغة العربية الفصحى الجميلة.. وأيضا هناك «غزيل» مصغر غزال، وريم وريمة وهي الغزال الذي يبدو للرائي من بعيد أبيض اللون.. وغيرها الكثير.
> العنود- في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: هي الغزالة التي تقود سرب الظباء، وتتميز بمواصفات خاصة، فهي قوية الجسم رشيقة الحركة، شديدة الملاحظة كثيرة التلفت، حذرة على الدوام وسرب “السرب مسمى فصيح للظباء والطيور” الظباء ذكورا واناثا، دائما قائدتهم انثى هي “العنود” مختارة من كل افراد القطيع “السرب”.
والعنود: اسم شائع للفتيات عند عرب الجزيرة بادية وحاضرة والعنود صفة جمالية تطلق على البنت الجميلة، فهي تشبه العنود يقولون: “فلانة عنود” او “فلانة عنود الجميلة” او “فلانة عنود الصيد”.
الجميلة في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: تعني سرب الظباء، وقد يصل تعداد السرب الى اكثر او اقل من مئة ظبي وظبية، وجمع “جميلة” “جمايل”. والجميلة والسرب كلمتان دارجتان على لسان عرب الجزيرة.
والصيد: من صاد يصيد والمقصود الغزلان فهي الصيد المفضل.
يقول الشاعر الشعبي واصفا حبيبته الجميلة بالعنود، ومحذرا من يجيء او يمر على بيتها، فمن يداري ويخاف على عمره فليبتعد لئلا يصرعه حسنها وجمالها، فهي تشبه نجم سهيل والبنات الأخريات يشبهن نجوم المجرة “نجوم درب التبانة او الدرب الحليبي” وان هذه الغادة الحسناء فرقها عند غيرها من الفتيات مثل فرق البندقية العثمانية، القديمة الفتيل عن البندقية العثمانية الجديدة السواري.. يقول:

لا تجي بيت “العنود” ولا تمره
ما يجيها اللي على عمره يداري
“العنود” سهيل والبيض المجرة
فرقها فرق الفتيل من السواري

واسم” العنود” او “عنود” مازال مستخدما وبكثرة في عصرنا الحالي اسما لبنات عرب الجزيرة العربية في الحواضر والبوادي.
ولكل جماعة من الظباء عنود تقودها لظباء الريم عنود، ولظباء العفري عنود، ولظباء المها عنود، يقول فلكي البادية الذائع الصيت راشد الخلاوي:

حبايلي صادت “عنود” من المها
رباعية من سايلات المدامع

ويقول الشاعر سليمان بن حاذور من اهل الرياض متغزلا بعنود الريم حبيبته:

عند “عنود الريم مكحولة العين
موردة الخدين ما احلى عجبها
شفته وورتني ملامح بطرفين
ومن الحيا غطى نظيره هدبها

الغزيل من الاسماء الشائعة

> غزيل: مصغر غزال، وهو الغزال الصغير وغزيل من الاسماء التي كانت شائعة عند عرب الجزيرة العربية ويسمون به بناتهم، ولكن في الوقت الحاضر بدأ يقل تداول هذا الاسم.
وغزيل صفة جمالية يطلقها البدو والحضر على الفتاة الانيقة الرشيقة الضامرة يقولون : “فلانة غزيل” او “فلانة كأنها غزيل”.
يصف أحد الشعراء الشعبيين حبيبته قائلا:

سلام يا عين “الغزيل” الى سج
يا “خشف ريم”عاودت عقب هجه
عليه دمعي كل يوم تزعج
تزعيج موج للأحيمر يزجه

ويقول الشاعر واصفا حبيبته بـ”الغزيل”
“غزيل” فله بدبي لا قاني ممشط القذله
سلم بالاعياني
وهذا الداحوح يخاطب الحاشي “الجمل الفتي” وهو اسم يطلق على الفتاة التي تدخل لتلاعب الداحوح في رقصة الدحة يصف الحاشي “الفتاة” قائلا:

عيونك عيون “الغزيل” اللي بمقيله مقيل
دلّوا عليه الطرقية

اي انت عيونك تشبه عيون الغزيل النائم “المقيل” في منامه “مقيله” في وقت القائلة او القيلولة ولكن الطراق “المسافرين” ازعجوه وايقظوه من منامه.
ولنستمع للامير الشاعر محمد بن احمد السديري ( ت1979م) وهو يصف العلاقة العاطفية بينه وبين حبيبته التي تشبه الغزال يقول:

“غزال” ضيعت عقلي وروحي
رمت قلبي وقلبي مارماها
نحيل الخصر وضاح الثنايا
نظيم الدر منظوم بفاها
لها بالروح وفوادي موده
ولا شيء من احوالي خفاها
تعرف اني لها مملوك طايع
ابيع الروح في دورة رضاها

ملاحظة:
لا تنس ان هذا شعر شعبي سماه ابن خلدون (ت 808 ه¯ - 1405 م) ب¯ “الشعر البدوي” وقال عنه ان كلماته موقوفة الاخر تلتزم بالسكون ولا تلتزم بحركات الاعراب، ويعرف الفاعل من المفعول به والمبتدأ من الخبر من قرائن الكلام وسياقه. وهذا “الشعر البدوي” شأنه شأن الاشعار الدارجة عند الناس لا يلتزم بموازين الشعر الفصيح للخليل بن احمد الفراهيدي.
> الجازي أو جازي: اسم شائع لنساء عرب الجزيرة وخصوصا عند عربان البادية، فهم يسمون بناتهم ب¯”الجازي” أو” جازي”. والجوازي في اللغة العربية الفصحى وفي كلام عرب الجزيرة: هي الظباء التي جزأت بالرطب عن الماء. يقال: “ظبية جازية” أي استغنت بالعشب الأخضر وبورق وجذور الأشجار وبالندى عن شرب الماء.
ومن قرأ السيرة الهلالية، يجد أن اسم “الجازي” و”الجازية” من الاسماء المفضلة لبناتهم، فاسم بنت أمير بني هلال الشيخ حسن بن سرحان هو “الجازي” أو “الجازية” بمعنى “الظبي” أو “الظبية” وهذا راشد الخلاوي فلكي البادية الشهير بمعرفة حركة النجوم والمتغيرات المناخية يذكر الجوازي:

“الناس ليا نزلوا الصمان انا انزل العلا
في منزل كل الخلايق ترانيه
شبيت ضو يعجب الضيف صلوها
عليها من لحم “الجوازي” ثمانية
دعيت جيراني على طيب القرى
يوم ان داعيهم نسى ما دعانيه
كيف أنا اخلي الطيب وانكس على الردى
الطيب يبقى والاعمار فانيه”

> ريم أو ريمية: من الأسماء الشائعة لبنات عربان الجزيرة في البوادي والحواضر . وغزلان الريم كانت فيما مضى وقبل ان تنقرض من الانواع السائدة في جزيرة العرب، وكاتب هذه السطور ادركها وما زالت ذكرياتها عالقة في ذهنه أيام الفتوة والشباب . وغزال الريم هو الغزال الذي يبدو للرائي له من بعيد ابيض اللون. فالبطن والخاصرتان والوجه والسيقان كلها ذات لون أبيض ، ما عدا ظهره بني فاتح (مجازا ظهره أحمر).
لنستمع الى الشاعر فهد بن راشد بن ناصر البورسلي( ت 1960م):

“قايد”الريم” تاخذني عليه الشفاقه
ليتني دب دهري محبس في يمينه
آه وا قلبي اللي راح مني سراقه
تل عرق الموده وانقطع في يدينه”.

 وقال الشاعر سليمان بن حاذور:

“اللي ذبحني سعوديه
ربي من الزين معطيها
من شافها قال حوريه
الزين والملح غاشيها
العنق ياعنق “ ريميه”
كن الحمامه تماشيها”

 وهذا الشاعر الجاهلي قيس بن الخطيم يصف جيد حبيبته بجيد “الريم”، وقد توقد عليه الياقوت المفصول بحبات الزبدجد:

“ وجيد كجيد “الرئم” صاف يزينه
توقد ياقوت وفصل زبرجد

 وهذا أمير الشعراء أحمد شوقي بن علي بن أحمد (ت1351 ه¯/ 1932م) يخاطب حبيبته الريم

“ ريم على القاع بين البان والعلم
أحل سفك دمي في الاشهر الحرم
رمى القضاء بعيني جؤذر اسدا
ياسكن القاع، ادرك ساكن الأجم”.

اسمان شائعان

> عفراء والعفري: اسمان شائعان للفتيات عند عربان الجزيرة، وخصوصا عند أهل البادية أيام زمان، والآن قل استعمال هذين الاسمين.
و”العفري” هو الغزال الذي لون جسمه بني فاتح(مجازا نقول لونه أحمر) ماعدا أسفل بطنه لونه ابيض، والغزال العفري الذي يعيش في جزيرة العرب هو أصغر أنواع الغزلان، وكاتب هذه السطور يتذكر اسراب هذه الغزلان العفراء وهي تتجول على أرض جزيرة العرب قبل ان يقضي عليها الصيد الجائر بواسطة السيارات والبنادق السريعة الطلقات.
 ويسمى الغزال الذكر باسم “عفري” و”اعفر” و “عفر” وكانت اسماء شائعة للرجال في جزيرة العرب، خصوصا عند أهل البادية. وتسمى الغزالة الأنثى باسم “ عفراء” و”عفرية” وهما اسمان شائعان عند نساء عرب الجزيرة حاضرة وبادية، ويتميز الغزال العفري عن بقية الغزلان بحاسة الشم القوية التي يمتلكها، فهو ينفر ويهرب من أي مكان يشم فيه أي رائحة كريهة مهما كانت هذه الرائحة قليلة وبسيطة ولا تكاد تذكر، فمثلا هو ينفر من الروض الأخضر إذا كان فيه حيوانا ميتا ولو كان هذا الحيوان صغيرا كالجربوع. لذلك يضربون المثل بالغزال العفري للانسان الحساس للروائح فيقولون: “ فلان أو فلانة خشم عفري أو عفرية” أي ان خشمه “أنفه” حساس لأي رائحة كريهة.
والظبي الاعفر، تصفه معاجم لغة العرب بأنه الظبي الذي يعلو بياض بطنه الحمرة السائدة.
وهذا الشاعر عبدالله بن محمد بن فرج الدوسري (ت1319هـ/1901م) يصف حبيبته بالجادل العفر (الاعفر) أي الغزال الاعفر مجدول العضلات القوي، يقول:

“ألا ياهل المعروف ما ينفع الحذر
قضى الله ربي ما قضى بامره الجاري
بلاني الهوى وبليت ب¯ “الجادل العفر”
وهذا المقدر ياعلي حكمة الباري”.

وهذا الشاعر عروة بن حزام من مهاجر العذري هام بحب ابنة عمه “عفراء” التي زوجها أبوها برجل ثري من أهل الشام، ولما علم عروة بزواج ابنة عمه مات حزنا وكمدا عليها سنة 30 هـ/650م، يقول:

“فوا كبدا امست رفاتا كأنما
يلذّعها بالموقدات طبيب
عيشية لا “ عفراء” منك بعيدة
فتسلو ولا “عفراء” منك قريب
فو الله لا أنساك ماهبت الصبا
وما عقبها في الرياح جنوب “.

المها والمهاة

> مها والمها والمهاة: هذه اسماء شائعة وذائعة للفتاة العربية عند العرب الأوائل والآواخر ، ولايزال عربان الجزيرة في البوادي والحواضر يسمون بها بناتهم حتى هذا اليوم وهي من الاسماء المفضلة عندهم.
وفي معاجم وقواميس لغة العرب “المها” هو بقر الوحش ، تسمى الواحدة “مهاة” أو “بقرة وحشية”، ولكن عرب جزيرة العرب المتأخرين اضافوا لها اسما جديدا هو “الوضيحي” للذكر و”الوضيحية” للأنثى، بسبب لونها الأوضح أي الابيض الناصع. ويعتبر المها أضخم وأجمل ظباء جزيرة العرب، ويصنفه المتخصصون بأنه من أجمل ظباء الكرة الأرضية على الإطلاق، وهو غزال عربي ضخم موطنه الاصلي شبه الجزيرة العربية، فعلى ارضها تناسلت أجياله المتعاقبة منذ عصور الجاهلية حتى انقراضه في عصرنا الحالي.
 وهو حيوان أبيض اللون،قوائمه سوداء ، ووجهه الأبيض فيه بقعة سوداء ، احاط سوادها بعينيه الواسعتين الجميلتين الساحرتين فأكسبها كحلا طبيعيا زاهيا. يصل وزن “المهاة”أو “ بقر الوحش أو”الوضيحية” إلى 200 كيلو غرام ويبلغ ارتفاع جسمها عن الارض مترا واحدا. لها ظلف كظلف البقرة وذيل كذيلها . وللمها قرنان يستخدمان كسلاح فعال جدا للدفاع عن النفس ويبلغ طولهما ثلاثة أقدام والمها تتكيف وتتلاءم مع البيئة الصحراوية الجافة فهو من “الجوازي” يجوز عن شرب الماء في الصيف ويستعيض عنه بعصارة جذور النباتات والأشجار ، وبالندى الذي يتساقط على أوراق النباتات في الليل والصباح الباكر. ويتغذى المها على الاعشاب الضئيلة والاعواد والاوراق اليابسة والشجيرات والطحالب التي تقاوم طبيعة البيئة الصحراوية القاسية ويتميز المها بحاستي سمع وشم مرهفتين وقويتين جدا بحيث تتلاءمان مع الوسط الصحراوي الرملي الذي يعيش فيه .
 والمصيبة الكبرى ان المها العربي اذا انقرض وزال وجوده من شبه جزيرة العرب، فإنه لا يوجد من فصيلته ما يشبهه في أي بلد من بلدان العالم ، فالمها العربي نوع فريد يختلف عن غيره بكثير من المواصفات والألوان . والمها العربي مثل بقية الغزلان العربية تقوده انثى يسميها عرب الجزيرة ب¯ “العنود” فهي ملكة السرب “القطيع” ولها ولية عهد إذ ماتت او اصيبت تحل محلها.
 والبقية القليلة من المها العربي حفظته لنا المحميات وحدائق الحيوان في بلدان الخليج العربي.
> المستشرقون والرحالة الأجانب وصفوا المها العربي:
 الرحالة الايطالي كارل غورماني سافر الى الشام عام 1850 وتجول في بوادي الشام وفلسطين وشمال نجد ، زار حائل وعنيزة، ومن مؤلفاته كتاب اسمه “ شمال نجد” (Northern Najd) ذكر غورماني في هذا الكتاب انه شاهد المها العربي باعداد كثيرة في شمال الجزيرة العربية ، ويتجول بأسراب كثيرة في صحاري جزيرة العرب.
وهذا الرحالة البريطاني تشارلز دوتي زار الجزيرة العربية ما بين عامي 1876 و 1878 وتسمى باسم «خليل النصراني» وتجول مع عربان البادية وعاش حياة البادية بكل شظفها وضنكها، وألف كتابه الكبير الذي سماه «رحلات في الصحراء العربية»، ذكر دوتي وجود المها العربي في شمال الجزيرة العربية في ديار قبيلة الشرارات، وذكر دوتي أنه شاهد المها (البقر الوحشي) عند بعض أهالي مدينة حايل، وذكر كذلك أن قرون البقر الوحشي (المها أو الوضيحي) يستعملها أهالي قرى نجد لتفتيت التمر حيث يتلاصق داخل أوعيته التي يحفظ بها، وذكر أن البدو يستخدمون قرون المها أوتادا لخيامهم ويستعملون جلوده لصنع الأحذية، وأشار الى كثرة أسرابه التي تتجول في جزيرة العرب.
وهذا الرحالة المستشرق التشيكوسلوفاكي الجنسية النمساوي الأصل لويس موزيل الذي بدأ رحلاته الى ديار العرب عام 1896 وكان عمره آنذاك 28 عاما وتنقل على ظهر ذلوله (ناقته) مع عربان الصحراء وكأنه واحدا منهم واستمرت حياته مع عرب الصحراء لمدة عشرين عاما، أكثرها مع قبيلة الرولة من عنزة، وتآخى مع شيخ قبيلة الرولة النوري بن هزاع بن نايف الشعلان، وغير اسمه من لويس موزيل إلى (الشيخ موسى الرويلي) وصار فيما بعد من أكبر أساتذة التاريخ القديم والحديث للعالم العربي الإسلامي في جامعة براغ، ذكر لويس موزيل انه شاهد أسراب المها بكثرة تتجول في منطقة صحراء النفوذ الكبرى في شمال المملكة العربية السعودية، وذكر أن المها تخرج وترعى ليلا ونهارا في فصل الصيف لأن العربان قاطنون على آبارهم، ولكن المها في موسم الشتاء والربيع لا تسرح إلا ليلا بسبب أن عربان الصحراء منتشرون على منطقة النفود وفي الصحراء عموما مع حلالهم طلبا للعشب والشجر(الكلأ) لذلك يضطر المها إلى الخروج ليلا طلبا للمرعى.
وهذا الرحالة البريطاني ولفرد ثيسجر الذي سماه عرب الإمارات والربع الخالي باسم «مبارك بن لندن» ذكر أنه عندما اجتاز صحراء الربع الخالي عام 1948 شاهد قطيعا يتكون من 48 مهاة (بقرة وحشية) وذكر أن المها متواجد بكثرة في منطقة الربع الخالي، وهذه المشاهدة لهذا الرحالة البريطاني ثيسجر تؤكد لنا أن انقراض المها منذ فترة قريبة في الستينات من القرن الماضي، أي بعد ظهور النفط وظهور السيارات والبنادق الحديثة وانعدام الوعي البيئي وعدم الاهتمام بالحياة الفطرية.
> الحبيبة هي “المهاة” في عيون العشاق العرب
وهذا الشاعر علي بن الجهم »ت 249 ه¯« وهو من شعراء العهد العباسي يصف عيون المها الراتعات ما بين رصافة بغداد وجسرها بأنهن جلبن له الهوى وأعدن له الشوق القديم ... يقول من قصيده طويلة:

عيون »المها«بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أردي
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن
سلوت ولكن زدن جمرا على جمر
سلمن وأسلمن القلوب كأنما
تشك باطراف المثقفة السمر

والمها هنا هو رمز للفتيات الغيد الجميلات، فهن يشبهن المها العربي

وهذا الشاعر الشعبي فهد »ت 1960« بن راشد بن ناصر البورسلي يتوجد على محبوبته:

سلموا لي على اللي حبهم بالضمير
من سببهم سهرت الليل واعزتاه
خص لي في سلامي ابو نهيد صغير
ناعم العود محبوبي حلي »المهاه«
قايد الريم هو عندي عديل النضير
مشغل الروح في حبه وعقلي خذاه

وهذا شاعر العرب الكبير ابو الطيب المتنبي المقتول في دير العاقول سنة 354 ه¯ /956 م يفدي بنفسه الجآذر الظبيات من بنات الأعاريب - بدو زمانه- قائلا:

من »الجآذر« في زي الاعاريب
حمر الحلي والمطايا والجلابيب
أفدي ظباء فلاة ما عرفن بها
مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب
ولابرزن من الحمام مائلة
اوراكهن صقيلات العراقيب

الجآذر: جمع جؤذر وهو ولد المهاة »البقرة الوحشية« انثى او ذكر.
مثلما بدو عصر المتنبي يحبون اللون الاحمر فبدو عصرنا يفضلون اللون الاحمر ويحبونه
وهذا أحد الشعراء الشعبيين من عرب الجزيرة يصف حبيبته قائلا:

ماشية بالبيت من دون العباة
فارقة بالزين عن كل البناة
شفت لي شيء يشيب بالحياة
شفت من يشدي لفريد »المهاة«

وهذا الشاعر أبو الوليد مسلم بن الوليد »ت 833 م« الملقب بصريح الغواني، وهو من اهل الكوفة، قابل الخليفة العباسي هارون الرشيد وانشده من شعره، يقول:

قد كنت بالبصرة المغبوط ساكنها
ان التقى والصبا فيها لمصطحب
اني نظرت الى الحور الحسان بها
وانما همهن اللهو واللعبُ
عند الخريبة غيد قد صبون بنا
مثل »المها« في رياض حولها العشبُ

ويقول الشاعر الشعبي عبدالله بن صقيه متغزلا

يا العين لا تستخيلي بارق زلك
ليا صار للغير مصيافه ومرباعه
ينلاع قلبي ليا شاهدت دمع لك
كما يلوع »الوضيحي« رامي لاعه

«الوضيحي» هو الاسم الذي ترادف مع اسم «المها» في العهود المتأخرة


بقلم: أحمد محارب الظفيري
باحث في التاريخ والتراث
aaldhafiri@yahoo.com