تصميم ومتابعة وتطوير المدونة بواسطة :

تم عمل هذه المدونة بواسطة : أحمد السعيدي
http://aldhafaeri.blogspot.com/


السبت، 28 أبريل 2012

«اتدعون بعلا وتذورن احسن الخالقين»




بعل: صنم من اصنام عرب الجاهلية التي يعبدونها، لذلك خاطبهم رب العزة والجلال في محكم كتابه المبين قائلا:
«اتدعون بعلا وتذورن احسن الخالقين»
أي اتدعون بعلا ربا لكم وتتركون رب العالمين الواحد الاحد الذي هو الله سبحانه وتعالى.
يذكر الاخباريون العرب في مؤلفاتهم وكتاب التراث العربي الاسلامي ان هذا الصنم «بعل» كان تمثالا مصنوعا من الصخر وموشحا أو مطليا بالذهب وبعضهم قال: ان بعلا مصنوع من الذهب ولكننا نرجح الرأي الأول فالصنم جسمه من الحجر وموشحا أو مطليا بالذهب.
وعندما جاء الاسلام العظيم دين التوحيد، سقط بعل وداسته الاقدام هو وكل الاصنام الاخرى، ورجع العرب إلى الديانة الحنيفية ديانة ابيهم ابراهيم الخليل- عليه السلام وعلى نبينا محمد افضل الصلاة والسلام.

> بعل معبود عند الشعوب السامية «الأعراق العربية القديمة»
كتب التاريخ والتراث ومعاجم اللغة العربية التي وصلتنا من عهد الدولة العربية الاسلامية العباسية تذكر ان بعلا هو الصنم الذي كان يعبده قوم نبي الله الياس وقوم نبي الله يونس- عليهما السلام- وهذا يؤكد على ان عبادته كانت قديمة ولو كان كتاب ذلك الزمان يعرفون قراءة الكتابات السامية القديمة كالبابلية والاشورية والفينيقية والهبروغليفية والسبائية لعرفوا ان الصنم او الالة «بعل» كان معبودا منذ تاريخ قديم وهذه الكتابات التي ذكرناها لم تقرأ إلا في عصرنا الحالي بفضل علماء الغرب المتخصصين باللغات والآثار القديمة ومن هذه اللغات الشرقية «السامية» الموغلة بالقدم عرفنا ان بعلا كان معبودا وحوله استفهامات كثيرة وخلال قراآتي لتاريخ حضارات فجر التاريخ والتي كونتها المجموعات البشرية الكبيرة المهاجرة من جزيرة العرب والتي كونت لها ممالك حضارية في بلاد الشام ومصر ومابين النهرين وبدأت هجرتها منذ الالف السادس قبل الميلاد بعد تغير مناخ الجزيرة العربية من البرودة والامطار إلى الحرارة والجفاف وهؤلاء المهاجرون هم اعراق عربية قديمة كان علماء الغرب يسميهم بـ«الاقوام الشرقية» ثم فيما بعد سموهم بـ«الاقوام السامية» وهم: «البابليون» و«الاشوريون» و«الفينيقيون» و«العموريون» و«الكادانيون» و«العبرانيون» و«الكنعانيون» وغيرهم وكل هؤلاء الاقوام ذكروا الإله «بعل» ونسجوا حوله الاساطير والخرافات العجيبة.
> «بعل» واخته «اناة» في السماء اذا تزوجا زاد المطر
وجدنا ان الكتابات المسمارية القديمة والتي تسمى بـ«اللغات السامية» تذكر الإله «بعل» وتنسج حوله الاساطير والحكايات والخرافات واللافت للنظر انه مذكور في اللغة الأكادية والكنعانية والعمورية والبابلية والآشورية والكلدانية والآرامية وكذلك مذكور عند عرب الجاهلية في جزيرة العرب قرأت اسطور كنعانية تمجد الإله «بعل» واخته الإلة «اناة» وهما يسكنان السماء والإله «بعل» هو إله المطر والخصب، وإذا ما تزوج الإله «بعل» الإلهة «أناة» فإن حصيلة هذا الزواج امطار غزيرة كثيرة تملأ الارض والوديان متحضر الارض فتأثر الابقار والعجول والاغنام والرخال «ولد الشاة الذكر رضل والانثى رخلة» وبالعبرية بنت الشاة «رخيل» وانتقلت الانكليزية «راشيل: اسم للفتاة» وصنع هؤلاء الساميون اصناما على الارض للإله«بعل» ووضعوها في معابد مخصوصة يزورونها ويذبحون الذبائح لها ويتمسحون بها، مثلما يتمسح بعض الناس في عصرنا الحالي في بعض البلدان بالصخور والقبور، ويقدمون لها النذور والقرابين.
والكنعانيون ومنهم «الفينيقيون» و«العموريون استقروا في بلاد الهلال الخصيب ووادي الرافدين خلال الألف الثالثة ق. م ويرجع اصلهم القديم إلى العرب «العمالقة» ولغتنا العربية الفصحى هي الوريث الشرعي لكل اللغات السامية التي تكلمت بها الشعوب الشرقية القديمة التي كونت الحضارات الانسانية القديمة في بلاد مابين النهرين «دجلة والفرات» mesopetamea«ميسوبوتاميا» وفي بلاد الهلال الخصيب the fertile التي تحيط بجزيرة العرب وكأنها الهلال أو القوس، وكل هذه الشعوب تكون جميعها عائلة لغوية family languages وتنحدر من اصل واحد ومنبعها هو جزيرة العرب التي هاجرت منها عندما مسها الحر والجفاف وهذه الاعراق العربية القديمة التي اصطلح علماء الغرب على تسميتها بـ«الأقوام أو الشعوب السامية» ترجع بأصولها إلى القبائل العربية القديمة «عاد» و«ثمود» و«العمالقة» و«مدين» و«حضرموت» و«طسم» و«جديس» و«جرهم الأولى».
«بعل» إله المطر والربيع واسمه يتكون من «بع» و«إيل»
«بعل» إله المطر والخصوبة والربيع عند «الشعوب السامية» وبعضهم يسميها «الشعوب الجزرية» -نسبة إلى جزيرة العرب- ونحن نسميها «الأعراق العربية القديمة» المهاجرة من جزيرة العرب.
والعرب الذين بقوا في جزيرتهم ولم يغادروها استوردوا الصنم «بعل» من الشعوب السامية.
هذا الإله «بعل» المقدس في لغات الشعوب السامية يتكون اسمه من مقطعين «بع» و«إيل» أو «إيلا» يجب ان نتذكر أن كتاباتهم خالية من حركات الإعراب.
«بع» بمعنى مطر في لغتهم، و«إيل أو إيلا» بمعنى إله أو الله. فيصبح معنى «بعل» هو «إله المطر» لأن بعل مكون من مقطعين ملتصقين مع بعضهما بع وإيل أي «بع إيل».
«بعل»: كلمة عربية قديمة جدا استخدمتها الأعراق العربية التي كونت حضارات فجر التاريخ، ومازلنا حتى هذا اليوم نستخدم كلمة «بعل» في لغتنا العربية المعاصرة وفي كلامنا وكتاباتنا، وهي مفردة عربية فصيحة، وكانت هذه الكلمة في سالف العصر وقديم الزمان، عند أجدادنا العرب الأقدمين اسما لصنم على الأرض يعبد وهذا الصنم يمثل إلها في السماء اسمه «بعل»، ولو رجعنا إلى اللغات الشرقية القديمة التي سماها المستشرق العالم النمساوي الألماني الكبير شلوتزرSCHLOEZER باللغات السامية لوجدنا اسم هذا الإله يتكون من مقطعين هما «بع» و«إيل» ويجب أن تتذكروا ان كتاباتهم لا تحتوي على حركات إعراب لذلك ننطقها بعدة صيغ صوتية، وهذا الإله بعل مذكورة بكثرة في اللغات السامية وخاصة اللغة «الكنعانية» وبما أن لغتنا العربية الحية هي الوريث الشرعي لهذه اللغات السامية القديمة المنقرضة وتلتقي مع هذه اللغات بالأصل القديم النابع من جزيرة العرب، الآن لنعرض المقطعين «بع» «وإيل» على معاجم وقواميس لغتنا العربية:
بعّ الرجل الماء بعا: أي صب الرجل الماء صبا، وبعّ السحاب المطر بعا: ألح بمطره أي صب السحاب المطر صبا، البعاع ثقلُ السحاب من الماء والبعاع شدة المطر وأخرجت الأرض بعاعها إذا انبتت انواع العشب أيام الربيع.
إيل: في اللغات السامية وفي اللغة العربية يعني اسم «الله» ويؤكد علماء الغرب في مؤلفاتهم عن حضارات الشرق القديم أن الإله «إيل» هو الرب الواحد ويسمونه «رب الأرباب» جاء مع الأعراق العربية القديمة المهاجرة من جزيرة العرب مما يؤكد أن ديانتهم توحيدية في بداياتها الأولى الموغلة بالقدم.
وقرأت لمستشرق غربي قوله ان «بعل» هو إله الحملان والنعاج «الحمل هو ولد النعجة» مفسرا ذلك بأن الشطر الأول من اسم بعل هو «بع بع» وهو صوت ثغاء النعجة وأولادها، فهو رب هذه الحيوانات الذي ينزل عليها المطر لينبت لها الكلأ «العشب والشجر».
بعل في معاجم وقواميس لغة العرب:
بعل: عند عرب الجاهلية هو صنم يعبدونه كأنه ربهم وفي التنزيل العزيز، قال رب العزة والجلال مخاطبا هؤلاء الذين يعبدون بعلا: {أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين}.
البعل: الزوج سمي زوج المرأة بعلا لأنه سيدها ومالكها، ويقال للرجل: هو بعل المرأة، وبعل الشيء: ربه ومالكه يقال: أنا بعل هذا الشيء أي ربه ومالكه، ويقال بعل أو استبعل الرجل أي تزوج، صار بعلا للمرأة التي بعلها أو استبعلها أي التي تزوجها، قال الشاعر الحطيئة أبومليكة جرول العبسي وقيل الذهلي «ت 59هـ):
وكم من حصان ذات بعل تركتها
إذا الليل أدجى، لم تجد من تباعله
أراد انه قتل زوجها أو أسره.
وتباعل القوم: اختلطوا وتزوج بعضهم إلى بعض، ويقول بدو اليوم: ابعل اللبن ماء أي اخلط اللبن ماء.
البعل من النخل: هو ما شرب بعروقه من الأرض من غير سقي أي هو ما سقته السماء، يقال: نخل بعلي أي يعتمد في سقيه على المطر.
وقيل: البعل كل شجر أو زرع لا يسقى، تعيش عروقها على الماء الذي تحت الأرض.
لاحظ عزيز القارئ أن كل هذه الكلمات التي لها علاقة بكلمة «بعل» والتي كانت مستخدمة عند العرب الأوائل هي ذاتها مازالت مستخدمة عند العرب الأواخر في زماننا الحاضر.
المعبود الأقدم عند عرب الجزيرة هو «الله» ويسمونه «إيل»
خلال قراآتي الكثيرة لكتب التاريخ والتراث وكتب الآثار واللغات القديمة والحضارات التي سادت ثم بادت، كل هذه الأمور وصلتنا مقروءة مفهومة وأعني بذلك اللغات والحضارات القديمة، بفضل علماء الغرب وجهودهم الكبيرة من أجل العلم وخدمة الإنسانية جمعاء. والحصيلة من كل قراآتي ودراساتي وبحوثي خلال 40 سنة من عمري استقر في ضميري وعقلي، ان سكان هذه الجزيرة المباركة يعبدون الرب الواحد في العهود السحيقة الموغلة في القدم وأعني بها الدورة الجليدية الرابعة، المسماة دورة جليد فربم «wurmcycle» والتي يسميها العرب في مورثاتهم ورواياتهم «عصر الفطحل» بكسر الفاء على وزن الهزبر- وهو عصر الأماطر والربيع الدائم والسيول العارمة والخصب والغابات الكثيفة والحيوانات المختلفة الالوان والاجناس وهذا العمر بسميه علماء الغرب المتخصصون في أمور الجيولوجيا والمناخ والتاريخ القديم بدورة جليد فرم wurm والتي بدأت من سنة 40000 قبل الميلاد وانتهت في سنة 18000 قبل الميلاد، وكانت جزيرة العرب خلال هذه الدورة المناخية قطعة خضراء تعيش بأجواء رطيبة وامطار غزيرة في كل فصول السنة، فعاش العرب الاقدمون في محبوحة هنيئة من العيش ينهلون من خيرات أرضهم الكثيرة بكل يسر وسهولة ويؤمنون بدين الفطرة السليمة المسلمة المؤمنة برب واحد يسمونه «إيل» أو «إيلا» والمقصود هو «الله» ويحتكمون في معاملاتهم وتصرفاتهم الى تعاليم ديانتهم التوحيدية والى أخلاقهم وأعراقهم السامية النبيلة.
ولكن في العصور اللاحقة من فجر التاريخ وبعد انتهاء الفترة السعيدة، تشوشت العقول وفسدت الضمائر وزاغت البصائر فانحرفت عن جادت الصواب وتاهت عن دين الفطرة واختلط الشرك والتخريف في معتقدات الناس، وسادت في المجتمعات الديانات الباطلة، فأرسل رب العزة والحلال الانبياء والرسل لتصحيح المسيرة البشرية الى ديانة التوحيد الخالص دين الفطرة السليمة.
في العصور الشركية بقي اسم «الله» عالقا في الذاكرة الجمعية للعرب
وفي العصور الجاهلية الشركية التي عاشها العرب سواء القديمة أو التي قبل الاسلام نجد ان اسم «الله» بقى عالقا في اذهانهم وذاكرتهم الجمعية فالاعراق العربية القديمة التي هاجرت الى بلدان الهلال الخصيب وبلاد ما بين النهرين ومصر وسواحل الخليج العربي وشمال افريقيا على الرغم من وثنيتهم وتعدد آلهتهم فهم يعرفون ان هناك ربا واحدا يرددون اسمه في مورثاتهم وأساطيرهم اسمه «إيل» أو «اللا» ويصفونه بأنه «رب الأرباب» أو «الاله العظيم» «Supreme god» وهو الحاكم المطلق وهو القادر على كل شيء وإرادته هي النافذة وهو سيد الآلهة وجميعها خاضع لأمره وحكمه ووجدنا اسم هذا الإله «ايل» مضافا الى اسماء بعض ملوكهم فأحد ملوك الآراميين اسمه «متى ايل» واحد ملوك الهكسوس اسمه «يعقوب ايل» ووجدنا ان اكثر ملوك معين وسبأ كانوا يضيفون اسم الاله «ايل» الى اسمائهم تبركا به ومن ملوك مملكة معين «1300 ق.م الى 950 ق.م» الملك «قه إيل» والملك «صدق ايل» والملك «صادق إيل»، ومعنى هذه الاسماء في لغتنا الحالية: «وقاه الله» و«صدقة الله» و«صادق الله». ومن ملوك مملكة سبأ «حكمها من سنة 950 ق.م الى سنة 115 ق.م» الملك «مكرب يدع إيل ضريح» والملك «مكرب يدع إيل بين» لقد جاء ذكر سبا في القرآن الكريم في سورة سبأ الآية15: «لقد كان لسبأ في مسكنهم اية جنتان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور».
ووجدنا ان العرب الذين بقوا في جزيرتهم ولما يغادروها أيضا دخلت عليهم الشركيات وعبادة الأوثان والأصنام، ولكنهم في قرارة أنفسهم يعرفون ان هناك ربا واحدا هو «الله» ولكن يعبدون هذه الآوثان والأصنام لتقربهم الى الله زلفى، ومن اسماء رجال الجاهلية القريبة العهد بالاسلام نجد: اسم «عبدالله» و«عبدالرحمن» و«عبيد الله» و«عبدالكريم» ونجد طائفة كبيرة من الاصناف الموحدين يعبدون الله الواحد الخالق رب العزة والجلالة وخالف هؤلاء العرب الأصناف جماعتهم ورفضوا ان يكونوا عبيدا للاصنام والآوثان وانما هم عبيد لله رب السماوات والارض وما بينهما وهو الخالق العظيم.

بقلم: أحمد محارب الظفيري
باحث في التاريخ والتراث
aaldhafiri@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق